للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمركب كله ينقسم أقساماً خمسة لا سادس لها وهي: إما خبر وإما استخبار، وهو الاستفهام وإما نداء وإما رغبة وإما أمر.

فهذه الأربعة منها لا يقع فيها صدق ولا كذب، ولا يقوم منها برهان أول (١) على من ينكر وجوب الأمر، وأما بعد وجوب قبول الأمر بخبر يوجبه أو باتفاق من الخصمين فالأمر حينئذ مبرهن على صحة وجوبه، وليس برهاناً، وقد ينطوي في الأمر خبر، وذلك أن قول القائل: افعل كذا، ينطوي فيه أنك ملزم أن تفعل كذا. وأما النهي فهو نوع من أنواع الأمر، لأنه أمر بالترك. وكذلك ينطوي في الطلبة، وهي الرغبة، إخبار بأن الراغب يريد الشيء المرغوب فيه، ولا تظن أن قولك آمراً: قم، أنه اسم مفرد، فذلك ظن فاسد، بل هو مركب لأن معناه " قم أنت ". وكذلك قولك مخبراً عن غائب: قام، إنما معناه (٢) " قام هو "، ولو انفرد في حقيقة المعنى دون ضمير، لما تم ولكان ناقصاً فاعلمه. وكذلك قولك مستفهماً: أقام أي هل قام هو. وأما إذا خرجت الرغبة على غير وجهها، فإن الكذب قد يدخل فيها، كمن قال وهو صحيح: اللهم أصحني، وإنما الحق أن يقول: اللهم أدم صحتي. وكذلك الاستفهام، إذا ما (٣) استفهم عن باطل فهو باطل، كسائل سأل: لم اشتد الحر في الشتاء

وأما الخبر ففيه يدخل الصدق والكذب، وفيه تقع الضرورة والإقناع، وفي فاسد البنية منه يقع الشغب، ومن صحيحه يقوم البرهان على كل قضية في العالم، وإياه قصد الأوائل والمتأخرون بالقول، وتحته تدخل جميع الشرائع، وكل مؤات (٤) من الطبيعيات وغيرها اتفق الناس عليه أو أختلفوا فيه.

وهو يصح بوجوه: أحدها أن يكون معلوماً صحته بأول العقل أو بالحواس، ومنها ما يصح ببرهان يقوم على صحته من مقدمات تنتج نتائج على ما يقع في هذا


(١) م: أولي.
(٢) قام إنما معناه: سقط من س.
(٣) ما: من م.
(٤) س: مواتي، وفوقها علامة خطأ؛ م: رأي.

<<  <  ج: ص:  >  >>