للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء، كقول القائل: ابعد، اخسأ، ومنها زجر، كقوله تعالى: {اخسئوا فيها} ومنها تكوين، وليس هذا القسم إلا للباري تعالى وحده في أمره ما يريد أن يكون بالكون، وما يريد أن يعدم بالتلف. ومنه أمر بمعنى النهي كقول القائل لمن تقدم نهيه إياه عن شيء: افعله وسترى ما يكون أو وأدري أنك رجل. وما أشبه ذلك؛ ومنها أمر (١) بمعنى التعجب كقولك: أحسن يزيد أي ما أحسنه.

ثم تنقسم الأسماء أيضاً أقساماً أربعة إما حاملة ناعتة، وإما حاملة منعوتة، وإما محمولة ناعتة وإما محمولة منعوتة. ومعنى قولنا: ناعتة، أي أنها تقال على جماعة أشخاص تحتها فتسمى تلك الأشخاص كلها بذلك الأسم، ومعنى قولنا: منعوتة، أي تسمى باسم واحد وهي جماعة، ومعنى قولنا: حاملة أي أنها تقوم بأنفسها وتحمل غيرها، ومعنى قولنا: محمولة: أي أنها (٢) لا تقوم بأنفسها.

والحمل المذكور حملان: حمل جوهري وحمل عرضي، فالجوهري يكون أعم ويكون مساوياً، ولا يكون أخص أصلاً، والعرضي [١٨و] يكون أعم ومساوياً وأخص، فالحمل الجوهري الأعم مثل قولك: الإنسان حي، فإن الحياة محمولة في الإنسان حملاً جوهرياً، إذ لولا الحياة لم يكن إنساناً، والحياة أيضاً في غير الإنسان موجودة. فلذلك قلنا إن هذا الحمل أعم؛ والحمل الجوهري المساوي مثل كون الحياة في الحي فإنها مساوية للحي، لا تكون حياة في غير حي، ولا يكون حي في العالم بلا حياة وتسميتنا الخالق تعالى حياً ليس على هذا الوجه، وإنما سميناه بذلك اتباعاً للنص، ولولا ذلك لم يجز لنا أن نسميه حياً إذ الحياة ليست إلا قوة تكون بها الحركة الإرادية والحس، وكلا الأمرين منفي عن الباري عز وجل. وليست أسماؤه عز وجل مشتقة أصلاً ولا واقعة تحت شيء من الأقسام الخمسة التي ذكرنا قبل (٣) ، لكنها أسماء أعلام فقط، لم يوجب تسميته تعالى بها دليل، حاشا أننا أمرنا تعالى بأن نسميه بها وندعوه بها ونناديه بها، لا إله إلا هو. س: ومنه. وإنما دل البرهان على أنه تعالى أول حق واحد خالق فقط ثم نخبر عنه بأفعاله، عز وجل، فقط من


(١) س: ومنه.
(٢) أنها: لم ترد في س.
(٣) قبل: في م وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>