للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما (١) الأشياء الحاملة الناعتة فكقولك: الإنسان الكلي، أي الواقع على كل أشخاص الناس، وهو الذي أراد الله تعالى بقوله: {إن الإنسان خلق هلوعا} (المعارج: ١٩) فإنه تعالى لم يرد إنساناً بعينه، لكنه عز وجل عنى النوع كله. فأما الإنسان (٢) الكلي وقد يقال أيضاً: الإنسان المطلق، هو حامل لصفاته من النطق والحياة واللون والطول والعرض وغير ذلك، وناعت لزيد وخالد وهند وزينب، ولكل شخص من الناس، وهو المسمى الإنسان الجزئي، فزيد يسمى إنساناً، وكل واحد (٣) من الناس كذلك، فالإنسان الكلي ناعت لكل من ذكرنا، أي مسمى به كل واحد من الناس. وهذا القسم لا يكون محمولاً أصلاً، أي لا يبكون عرضاً البتة (٤) ، لأن العرض محمول لا حامل، والجواهر حامل لا محمول.

وأما الحاملة المنعوتة: فالأشخاص الجوهرية، مثل قولك: زيد وعمرو وكلب خالد وجمل عمرو، وغير ذلك، فإن هذه كلها منعوتة أي (٥) تسمى كلها باسم واحد يجمعها كما بينا آنفاً (٦) ، وهي حاملة لصفاتها من العلم والشجاعة والطول والعرض والنطق وغير ذلك من سائر الصفات، وهذه أيضاً لا تكون محمولة البتة.

وأما المحمولة الناعتة: فكقولنا العلم فأنه نوع من كيفيات النفس، وتحت العلم أنواع كثيرة، هو لها جنس جامع، كالفقه والطب والفلسفة والنحو والشعر وغير ذلك، وكل واحد من هذه يسمى علماً، فالعلم ناعت لها، وكل واحد من هذه العلوم نوع يقع تحته أصناف منه وأشخاص أبواب ومسائل، كوقوع القبائل وأشخاص الناس تحت قولك: الإنسان، وهكذا كل نوع تحت كل جنس، فسبحان مدير العالم كما شاء، لا إله غيره.

ثم نرجع إلى تفسير الناعتة المحمولة فنقول: إن العلم الكلي محمول في أنفس العلماء


(١) م: فأما.
(٢) فأما الإنسان: بالإنسان في م (اقرأ: فالإنسان) .
(٣) م: أحد.
(٤) م: البتة عرضاً.
(٥) أي: من م.
(٦) آنفاً: سقطت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>