للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من الكيفيات؛ وإنما ذلك منها فيما كانت له وسائط بين ضدين، وكانت تقبل المزاج ومداخلة بعضها بعضاً لا في كل كيفية على ما نبين في باب الكلام في التقابل إن شاء الله عز وجل.

وأما استواء أشخاصها تحت النوع الجامع لها وتحت (١) الجنس فلا يجوز أن يقع في شيء من ذلك تفاوت ولا تفاضل، ولا يجوز أن يقع في شيء من ذلك (٢) أشد ولا أضعف، ولا [٢٣ظ] يجوز أن نقول: لون أشد لونية من لون آخر، أي في أن كل واحد منهما لون؛ ولسنا نعني بذلك الإشراق أو الانكسار، وكذلك لا يكون صدق أصدق من صدق آخر ولا كذب أكذب من كذب آخر وإنما يتفاضل هذا في الإثم والاستشناع فقط، وإلا فكذب المزاح كذب بحت، والكذب على الخالق عز وجل كذب بحت، وكذلك المحال كذب بحت (٣) متساو كل ذلك في أنه كذب استواءً صحيحاً، لا تفاضل فيه، ولا أشد ولا أضعف، لكن بعضها أعظم إثماً وأقبح في الشناعة من بعض. وكذلك لا يكون علم بشيء أصح من علم آخر بشيء آخر، ولا جهل بشيء أكثر من جهل بشيء آخر، ولا أشد ولا أضعف. فإن دخلت وسيطة الشك في شيء من ذلك، خرجت تلك الكيفية من أن تكون علماً جملة واحدة، ولم يقع ذلك الظن تحت نوع العلم. وكذلك لا يكون سواد أشد من سواد آخر إلا وقد داخل (٤) أحد السوادين بياض شابه أو حمرة أو خضرة أو صفرة. وكذلك لا تكون سرعة أشد من سرعة إلا وقد داخل إحداهما توقف في خلال الحركة. وهكذا كل ما يقال فيه أشد وأضعف، فتأمل هذا بعقلك تجده صحيحاً يقيناً لا محيد لك عنه أصلاً.

وأما الخاصة التي تخص جميع الكيفيات ولا (٥) تخلو منها كيفية أصلاً فهي شبيه ولا شبيه، فإنك تقول هذا الصدق شبيه بهذا الصدق، وهذا الكذب غير شبيه


(١) س: تحت.
(٢) تفاوت.. ذلك: سقط من س.
(٣) كذب المحال وقع في م قبل الكذب على الخالق.
(٤) س: دخل.
(٥) م: فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>