للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها بعد ميعانه وانكسرت الخابية، وكالبر والدقيق في الإناء المربع أو المثلث أو غير ذلك من الأشكال فإنك ترى كل ذلك أيضاً متشكلاً بشكل إنائه أو البيت الذي هو فيه على ما قدمنا قبل، فهذا قسم.

والقسم الثاني أن يكون المكان متشكلاً بشكل المتمكن فيه وذلك معكوس القسم الذي ذكرنا قبل، وهو كون كل جامد الأجزاء أو مجتمعها في كل مائع الأجزاء أو منثورها ككون الجرم في الماء أو في الهواء فإن مكانه فيهما متصور بصورته، ويمثل ذلك بجرم بيضة أو عود أدخلته في ماء فجمد الماء حواليه (١) بعد أن كان مائعاً فإنك تجده متشكلاً بشكل ما هو فيه أي متصور بصورته وهيئته. وكذلك كون الحجر في الدقيق أو البر فإن مكانه متشكل بشكله. والهواء جرم من الأجرام ذو جهات ست قابل للمتضادات من الحر والبرد والرطوبة واليبس إلا أنه لما لم يكن ملوناً لم تقع عليه حاسة البصر فلم ير. وأنت تعلم أنه جرم بحركتك يدك أو المروحة أو إذا (٢) عدا بك فرس سريع فإنك تجد جرماً ملاقياً لك تحسه حساً قوياً لا ينكره إلا جاهل سخيف أو معاند. وكون الأجرام فيه متمكنة وهو مكان لها ككون الحيوان المائي في الماء، متى أنتقل [٢٨ ظ] جرم من الأجرام التي في الهواء أو الماء من المكان الذي كان فيه إلى مكان آخر انتقل ما كان في مكانه الذي صار إليه من الهواء ومن الماء إلى المكان الذي كان فيه إلى مكان آخر انتقل ما كان في مكانه الذي صار إليه من الهواء ومن الماء إلى المكان الذي خرج عنه؛ والخلاء باطل وتفسيره مكان لا متمكن فيه، إذ المكان والمتمكن من باب الإضافة، فلا يكون متمكن إلا في مكان ولا مكان إلا لمتمكن ضرورة.

والبرهان على بطلان الخلاء لذكره مكان غير هذا، إلا أنا ندل منه على طرف كاف إن شاء الله عز وجل لنتم الكلام في طبيعة المكان وهو ما تراه من فعل الإناء المتخذ للهو الصبيان المسمى سارقة الماء وفعل الزراقة والمحجمة، فإن هذه الأشياء تستحيل بها الأشياء الثقال التي من طبعها الرسوب عن طبائعها في السفل إلى الارتفاع والتصعد


(١) س: حواليها.
(٢) أو إذا: وإذا في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>