للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: فإن الفلك له مكان (١) قيل له، وبالله تعالى التوفيق: كل جزء منه فالجزء الملاصق له هو مكان له لا مكان له غيره البتة، وحركته دورية لا ينتقل بها عن مكانه لكن يصير كل جزء حيث كان الذي يليه فقط، إلا أن الصفحة العليا منه لا يلاصقها من أعلاها شيء أصلاً بوجه من الوجوه لا خلاء ولا ملاء، ولا فوقه لا مكان ولا متمكن ولا مساحة [٢٩و] ولا شيء (٢) يقع عليه الوهم بوجه من الوجوه. وقد قدمنا أن كل جرم فذو ستة سطوح: فوق وأسفل ويمين وشمال وأمام ووراء، والفوق والأسفل قد يقع في الإضافة لأنه توجد أشياء هي فوق أشياء وتحت أخر، وقد لا يقعان أيضاً في باب الإضافة من هذا الوجه فإن صفحة الفلك العليا فوق لا فوق له أصلاً، فليست تحتاً لشيء البتة، ومركز كرة الأرض تحت لا تحت له أصلاً فليس فوقاً لشيء البتة. والمركز المذكور مبدأ من قبلنا وصفحة الفلك العليا نهاية لذلك المبدأ أي موقف لا تمادي وراءه. ولسنا نعني بهذا إثبات أن له وراء، بل إنما نعني أنه متناهي الذرع لا وراء له ولا فوق ولا بعد أصلاً. وهكذا مرادنا في قولنا إن زماناً سابقاً لم يكن قبله زمان إنما مرادنا بذلك أنه ذو مبدأ وليس لذلك المبدأ قبل فيكون قد تقدمه زمان. وصفحة الفلك العليا مبدأمن قبل الطبيعة الكلية أي وجود الأشياء وعمومها وإحاطتها. والمركز المذكور نهاية لذلك المبدأ أي موقف لا تمادي بعده، فجل الخالق الأول لا إله إلا هو. والمكان مركب من كيفية وجوهر مع جوهر.

٧ - باب النصبة

النصبة كيفية صحيحة لا شك فيها وهي نوع من أنواع الكيفية، إلا أنهم خصوا بهذا (٣) الاسم نعني (٤) النصبة هيئة المتمكن في المكان كقيامه فيه أو قعوده أو بروكه أو اضطجاعه وما أشبه ذلك.


(١) فإن الفلك له مكان: فأين الفلك في م.
(٢) شيء: سقط من س.
(٣) س: بها.
(٤) س: فمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>