للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوفيق.

واعلم أن كل قضية وقع في أول عقدها استثناء فهي شرطية (١) ، والشرطية تكون على وجهين: إما متصل وإما مقسم فاصل. فالمتصل هو ما أوجب أرتباط شيء بشيء آخر لا يكون إلا بكونه؛ وهو يكون على وجهين: إما موجب كقولك: إن غابت الشمس كان الليل، وإما ناف كقولك: إن لم تطلع الشمس لم يكن نهار. ألا ترى أنك ربطت كون النهار بكون طلوع الشمس ووصلته به، وربطت كون الليل بكون مغيب الشمس ووصلته به، وربطت كون الليل بكون (٢) مغيب الشمس ووصلته به. وأما المقسم الفاصل فهو ما جاء بلفظ الشك وإن لم يكن شكاً لكنه حكم للموضوع بأحد أقسام المحمولات وذلك مثل قولك: العالم إما محدث وإما لم يزل، وإن شئت أتيت بلفظة أو؛ إلا أن لفظة إما إذا قطعت وقسمت أبين من لفظة أو، وإذا كنت مقرراً مستفهماً، فإن شئت أتيت بلفظة أم، وإن شئت بلفظة أو، فتقول: أمحدث العالم أو لم يزل، وإن شئت قلت: أم لم يزل. وقد تكون أقسام هذا النوع أعني الفاصل أكثر من قسمين، وذلك على قدر توفية القسمة جميع ما تحتمله في العقل، وهذا موضع يعظم فيه الغلط إذا وقع في القسمة اختلال ونقص، فتحفظ منه أشد التحفظ، فإن كنت مسؤولاً فتأمل (٣) هل أبقى سائلك قسماً من أقسام سؤاله فنبه عليه، فإن لم تفعل فلا بد لك من الخطأ ضرورة إذا أجبت (٤) . وإن كنت سائلاً فلا ترض لنفسك بهذا فإنه من فعل الجهال أو الوضعاء الأخلاق المغالطين لخصومهم القانعين بغلبة الوقت دون إدراك الحقائق.

واعلم [٣٧و] أن المحمول إذا كان واحداً والموضوعات كثيرة فهي قضايا كثيرة كقولك: الملك والانسي والجني (٥) أحياء. فهذه ثلاث قضايا، وإذا كان الموضوع


(١) م: من الشرطية.
(٢) يكون: سقطت من س.
(٣) فتأمل: مكررة في م.
(٤) م: أوجبت.
(٥) س: والإنس والجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>