للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع (١) في تسويتك وضع حرف النفي قبل السور ووضعه قبل المحمول فإنك إذا قلت: لا كل إنسان كاتب صدقت، وكنت إنما نفيت بذلك الكتابة عن بعض الناس على الحقيقة، لاعن كلهم على ما قدمنا من أن النافية الجزئية تظهر بقول كلي وبجزئي أيضاً. وتأمل ذلك في قولك: ليس كل إنسان كاتباً فإن هذا أبين في اللغة العربية وأوضح في أنه نفي جزئي (٢) [٤٤و] وكذلك لو أضمرت اسم ليس فقلت: ليس كل إنسان كاتب (٣) أي ليس الحكم كل إنسان كاتب، فهذه كلها نوافي جزئيات فاضبط ذلك جداً. وأنت إذا قلت: كل إنسان لا كاتب فإنك نفيت الكتابة عن الجميع واحداً واحداً فتحفظ من (٤) مثل هذا، فأيسر ما في ذلك أن يكون خبرك كذباً وإن كنت لم تقصده فتضل بذلك من حسن ظنه بك، وهذه خطة خسف لا يرضى بها فاضل.

واعلم أنك إنما تنفي ما تلصق به حرف النفي، فإن ألصقته بالمحمول الذي هو الخبر عن المخبر عنه نفيت المحمول كله، وإن ألصقته بالسور فإنما تنفي بعض القضية أو جميعها على حسب صيغة لفظك في اللغة، ألا ترى أنك تقول: ممكن أن يكون زيد أميراً، فإن جعلت حرف النفي قبل ممكن فقلت لا ممكن أن يكون زيداً أميراً فهذا " نقيض " لأنك نفيت النوع وهو العنصر، يعني أنك نفيت إمكان القضية كلها، فإذا جعلت حرف النفي بعد ممكن وقبل ذكر يكون الذي هو الزمان فقلت ممكن أن لا يكون زيداً أميراً فهذا " تغيير " لأن الإمكان لم تنفه بل أثبته، لكن أدخلت فيه نفي ما أدخل خصمك فيه الإمكان، وتغيرت المقدمة عن حالها، وهي: كون زيد أميراً؛ فإن جعلت حرف النفي بعد العنصر والزمان أي بعد لفظ الجواز وهو الإمكان وبعد لفظ الكون وقبل الموضوع الذي هو المخبر عنه فقلت: ممكن أن يكون غير (٥) زيد أميراً فلم تنف عن زيد شيئاً وهذا الذي يسمى " غير محصل "، ويسمى أيضاً


(١) س: الرافع.
(٢) س: يجزئي.
(٣) س: كاتباً.
(٤) م: في.
(٥) م: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>