للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعض النحويين ناس، ولا تنعكس كلية لأنك وإن كنت تصدق في بعض المواضع فإنك كنت تكذب في مواضع أخر أيضاً. وإنها تصدق في الحمل الأخص والمساوي وتكذب في الحمل الأعم، وأنت إذا عكستها جزئية صدقت أبداً على كل حال. ألا ترى أنك تقول: إذا كان بعض النحويين ناساً فكل الناس نحويون كذبت.

واعلم أن هذه القضايا كلها التي ذكرنا أنها تنعكس أي أنها تصدق إذا عكست أبداً فإنها تصدق في إيجابك الواجب، وفي اخبارك عن الممكن بما هو حق من صفاته وفي نفيك الممتنع. [٤٩و] . (١)

واعلم أن النافية الجزئية لا تنعكس أي أنها ليس لها رتبة تصدق فيها أبداً لأنها وإن صدقت في نفي الممتنع إذا قلت: ليس بعض الناس حجراً فعكست فقلت: ولا بعض الحجارة إنسان فصدقت، فإنك إن نفيت الممكن حق نفيه فقلت: ليس كل إنسان طبيباً فإنك صادق، فإن عكست فقلت: ولا كل طبيب إنسان أو قلت ولا بعض الأطباء ناس كنت كاذباً، فلهذا لم نشتغل بعكس النوافي في الجزئيات لأنها في بعض المواضع تكذب في العكس. فأفهم ذلك (٢) كله، فبكل طالب علم حقيقة إليه أعظم (٣) حاجة.

ونمثل ذلك بمثال شرعي فنقول: إنك تقول في النافية الكلية: إذا صح أنه ليس شيء من المسكرات حلالاً فليس شيء من (٤) الحلال مسكر أو لو عكستها جزئية لصدقت أيضاً، ولكن الكلي أتم وأعم للمطلوبات، فاكتفينا به إذا وجدناه واستغنينا به عن أن نذكر ما ينطوي فيه من جزئياته، لأن (٥) الإخبار عن الكل إخبار عن كل جزء من أجزائه. ونقول في الموجبة الكلية إذا كان كل والد واجب البر فبعض الواجب برهم الوالد، ولو عكستها كلية لكذبت لأنه يجب بر الأم والخليفة والعالم والفاضل والجار وليس واحد من هؤلاء والداً.


(١) م: وإنما.
(٢) م: هذا.
(٣) أعظم: لم ترد في س.
(٤) المسكرات ... من: سقط من م.
(٥) س: إلا أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>