للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبدلت أشخاصنا (١) كرهاً وفرط قلى ... كما الصحائف قد يبدلن بالنسخ ووقع لي ضد هذا مع أبي عامر بن أبي عامر رحمة الله عليه، فإني كنت له على كراهة صحيحة وهو لي كذلك، ولم يرني ولا رأيته، وكان أصل ذلك تنقيلاً يحمل إليه عني وإلي عنه، ويؤكده انحراف بين أبوينا لتنافسهما فيما كانا فيه أود الناس وصرت له كذلك، إلى ان حال الموت بيننا؛ وفي ذلك أقول قطعة منها: [من المتقارب]

أخ لي كسبنيه اللقاء ... وأوجدني فيه علقاً شريفا

وقد كنت أكره منه الجوار ... وما كنت أرغبه لي أليفا

وكان البغيض فصار الحبيب ... وكان الثقيل فصار الخفيفا

وقد كنت أدمن عنه الوجيف ... فصرت أديم إليه الوجيفا وأما أبو شاكر عبد الواحد بن محمد القبري (٢) فكان لي صديقاً مدة على غير رؤية، ثم التقينا فتأكدت المودة واتصلت وتمادت إلى الآن.


(١) اشخاصنا: قرأها برشيه " اخلاصنا ".
(٢) في الأصل: عبد الرحمن؛ وهو عبد الواحد بن محمد بن موهب بن محمد الدجيبي أبو شاكر، يعرف بابن القبري، كان فقيهاً محدثاً خطيباً شاعراً، نشأ بقرطبة، ويبدو أنه تحول بعد الفتنة إلى شاطبة، وولي الأحكام والمظالم بها، وهنالك رآه الحميدي، وهنالك توكدت الصلة بينه وبين ابن حزم (الجذوة: ٢٧١ والبغية رقم: ١١٠٧) وقد سكن أبو شاكر بلنسية وتقلد الصلاة والخطبة والأحكام بها، وكانت وفاته سنة ٤٥٦ بمدينة شاطبة ونقل إلى بلنسية فدفن فيها، وكان ربعة من الرجال ليس بالطويل ولا بالقصير وسيماً جميلاً حسن الهيأة والخلق، حسن السمت والهدي (الصلة: ٣٦٥ - ٣٦٦) وله شعر في رثاء قرطبة منه قوله (ترتيب المدارك ٤: ٨١٨) .
يا ليت شعري والأيام تجمعنا ... ونأخذ البينة مغلوباً فنصفعه
في جنة الأرض اعني أرض قرطبة ... فكل شيء بديع فهي تجمعه
استودع الله أهليها فإنهم ... كالمسك قد ملأ الدنيا تضوعه

<<  <  ج: ص:  >  >>