للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الموجبة والنافية فكقولك: الماء راسب بالطبع ما لم يقسر (١) أو يستحل، والنار صعادة بالطبع ما لم تقسر أو تستحل (٢) ، والبيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فكأنك قلت: إن تركت الماء بطبعه فهو راسب، وإن تركت النار بطبعها فهي صعادة، وإن كان المتبايعان مجتمعين فالخيار لهما.

وقد تكون المقدمات كثيرة في هذا الباب مثل قولك: إذا كان العالم محدثاً وكان المحدث يقتضي محدثاً، وكان لا شيء غير المحدث والمحدث، وكان لا محدث غير المحدث للعالم، وكانت أحداث مخالفة للطبيعة ظاهرة من إنسان محدث لها بأختياره، وكان يأتي بها شواهد على دعواه فمحدثها له محدث العالم، وإذا كان محدثها له متى طلبها من محدث العالم فمحدث العالم شاهد له بصحة ما يدعي، وإذا كان محدث العالم شاهداً له ومحدث العالم لا يشهد لمدعي باطل فهذا (٣) ليس مدعي باطل. وإذا كان ليس مدعي باطل فهو مدعي حق. وإذا كان مدعي حق وجب تصديقه. فالمقدم من هذا الاستدلال الشرطي كما ترى مقدمات كثيرة والتالي واحد وهو: فإذا كان مدعي حق وجب تصديقه. فهذا هو القسم الأول الذي ذكرنا أنه يستثنى فيه المقدم. أي أن (٤) المقدمة الأولى هي التي نقطع على أنها حق بعد أن يشترط أنها إن صحت الأولى صحت التي علقت صحتها بصحتها. وإن بطلت الأولى (٥) بطلت التي علقت صحتها بصحتها. وهذا واجب بأول العقل ضرورة: إذ كل شيء لا يجوز أن يصح إلا حتى يصح شيء آخر، ثم إذا لم يصح ذلك الشيء الآخر فواجب ضرورة أن لا يصح الذي لا صحة له إلا بوجود صحة لم توجد.

ومن هذا الأصل الضروري البرهاني (٦) أبطلنا في الشرائع كل عقد أرتبط بشرط فاسد لا يصح في النكاح والطلاق والبيوع والعتق وسائر العقود كلها. وكذلك إن كان


(١) س: يفسد.
(٢) س: تفسد أو تستحيل.
(٣) م: فهو.
(٤) أن: سقطت من م.
(٥) الأولى: سقطت من س.
(٦) م: البرهاني الضروري.

<<  <  ج: ص:  >  >>