للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناصر إلى الآن فما منهم إلا أشقر، نزاعاً إلى أمهاتهم، حتى قد صار ذلك فيهم خلقة، حاشا سليمان الظافر (١) رحمه الله، فإني رأيته أسود اللمة واللحية. وأما الناصر والحكم المستنصر رضي الله عنهما فحدثني الوزير أبي رحمه الله (٢) وغيره انهما كانا أشقرين أشهلين، وكذلك هشام المؤيد ومحمد المهدي (٣) وعبد الرحمن المرتضى (٤) رحمهم الله، فإني قد رأيتهم مراراً ودخلت عليهم فرأيتهم شقراً شهلاً، وهكذا أولادهم وإخوتهم وجميع أقاربهم، فلا أدري أذلك استحسان مركب في جميعهم أم لرواية كانت عند أسلافهم في ذلك فجروا عليها. وهذا ظاهر في شعر عبد الملك بن مروان بن عبد الرحمن بن مروان بن أمير المؤمنين الناصر وهو المعروف بالطليق (٥) ، وكان أشعر أهل الأندلس في زمانهم وأكثر تغزله بالشقر، وقد رأيته وجالسته.


(١) هو نفسه سليمان الملقب بالمستعين وهو سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر، الذي استعان بالبربر في الفتنة، وحين فتح قرطبة وبويع بالخلافة (٤٠٠) تلقب أيضاً ب " الظافر بحول الله " (الحلة السيراء ٢: ٧) ومن المفارقة أن يتحرم عليه ابن حزم هنا وان يقول فيه في موطن آخر: " وهو الذي كان شؤم الأندلس وشؤم قومه، وهو الذي سلط جنده من البرابرة فأخلوا مدينة الزهراء وجمهور قرطبة حاشا المدينة وطرفأ من الجانب الشرقي وأخلوا ما حوالي قرطبة من القرى والمنازل والمدن وأفنوا أهلها بالقتل والسبي، وهو لا ينكر ولا يغير عليهم شيئاً " (الجمهرة: ١٠٢) وأخبار سليمان في ابن عذاري (ج ٣) والذخيرة (ج: ١) .
(٢) كان والد ابن حزم وزيراً في الدولة العامرية، وتوفي سنة أربعة ٤٠٢ (الجذوة: ١١٧ - ١١٩ والبغية رقم: ٤١١ والصلة: ٣١) وسيذكر ذلك ابن حزم ص: ٢٠٧.
(٣) محمد المهدي: وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار، آخر من ولي الأمر من بني مروان بالأندلس ولاية تامة (٣٩٩ - ٤٠٠) يعزل فيها ويولى من آخر شرقها إلى آخر غربها وكذلك في كثير من بلاد البربر، وفي أيامه أبتدأ فساد الأندلس ولم يعقب إلا ابنة وابناً قتل بقرطبة (الجمهرة: ١٠١) .
(٤) عبد الرحمن المرتضى: هو ابن محمد بن عبد الملك بن الناصر، وكان عبد الرحمن رجلاً صالحاً مائلاً إلى الفقه (انظر محاولته لانتزاع الأمر من بني حمود في الذخيرة ١/ ١: ٤٥٣ والاحاطة ٣: ٤٦٦) .
(٥) في أخبار الطليق انظر الجذوة: ٣٢٢ والحلة ١: ٢٢٠ (وصفحات متفرقة من نفح الطيب) والمعجب: ٢٨٥، وهنالك دراسة عنه للأستاذ غريسه غومس (مع شعراء الاندلس والمتنبي: ٨٥ ترجمة الدكتور الطاهر مكي، القاهرة ١٩٧٤) ودراسة أخرى في كتابي: تاريخ الأدب الاندلسي - عصر سيادة قرطبة: ٢٢٣ ط. ثانياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>