للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢ - فالأول الغني المتعال جل جلاله بريء مما يلزم الموضوعات من الضرورة لإيجاد ما لها في القوة إيجاد {ليس كمثله شيء} هو الخالق وما سواه مخلوق (٩٥ظ) ، وهو المختار وما سواه مضطر، ولذلك لا تلحقه الأسماء المجازية ولا الخفية لحوق اللزوم والتطرد في العقول العالمة به عز وجل، إنما الأسماء والصفات موضوعة على معنى هي له بدائع، لا لتلحقه، كما هي لاحقة الذي هو مركب منها معار جوهرها، لأنا نقول في الصفات: إنها لاحقة المركبات بجوهرها، وإن المركبات مركبات من جوهرها مكسبة إياه، وهذا اللحاق اللاحق الذي لا يلحق بارينا تعالى من صفاته وأسمائه، وإنما هي دلالات دالة للعقول، دالة عليه سبحانه وبحمده الواحد الصمد. ونقول إنها ليست بخالقة ولا نقول مخلوقة، بل هي صفات مجعولة موضوعة، والخلق مركب منها، أعني من جوهرها البسيط. وأقول في الأسماء الصوتية: إنها للصفات مثالات باتفاق المعارف، كائنة ما كانت تلك الأصوات، كانت من صنع الله تعالى أو من صنع الآدميين، وأقول ذلك في الأسماء المرقومة كائنة ما كانت من لون مداد أو غير ذلك.

٢٣ - فإن سأل سائل عن تلك العلل الموصوفة البسيطة السابقة (١) لتهوية المهويات، قيل له: الاسطقصات الأربع الخارجة من عنده التي هي للخلق موضوعة منفعلة، بعد إذ هي لا كائنة ولا موجودة، فهي الاسطقصات الأربع المتهوية المتأيسة (٢) في المكان الجامع لها، وهي الطبائع الأربع المتأيسة (٣) السابقة للخلق من ربها عز وجل: الأرض والماء والنار والهواء، هي العلل الموضوعات لتهوية جميع المهويات في المكان الجامع.

٢٤ - فإن قال قائل: فهل من علة أوجبت هذه العلل، فكانت العلل لأجلها قيل له: العلل ليست بلا نهاية، لأن هذا (٤) الاسم الذي هو لها جامع يحصرها في الحال للذي له صارت عللا، فتقصر إليه ضرورة بلا زيادة دائمة. فإن وجد واجد


(١) ص: البسيط والسبق.
(٢) ص: المهوية المتباينة.
(٣) ص: المتباينة.
(٤) ص: بهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>