للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانفعال هو الطبيعة المتحركة تحت الإمكان، فهو مدة خروج الأقدار المفعولة عنه، فهو الزمان، ونهاية حركة الانفعال إلى حد؛ الإمكان الإرادة الجامعة لانفعال المنفعلات، والإمكان نهاية للزمان [أي] الطبيعة المتحركة للانفعال؛ فالإمكان [هو] العرش والذي تحته حركة انفعال الزمان، والذي تحت الزمان حركة المفعولات المكونات التامة هي الأوقات والسنون والأيام، والزمان نهاية السنين والأيام، والدهر نهاية الزمان، فالدهر جامع للزمان القائم بحركات الصور التي هي ذات الأقدار الثلاث طول وعرض وعمق - التي هي للجرم، وتلك الحركات التي هي حركات الأجرام هي المفصلة أوقات الانفصال أقدارها أجساما تامة، والدهر الجامع لذلك كله هو البون الأكبر والحد الأعظم والإرادة الدائمة الأبدية لخلود أهل الجنة والنار، وربنا المحمود ذو العرش المجيد الفعال لما يريد، وصلى الله على سيدنا محمد الذي لم يدعنا في ضلال أهل الفترة ولا حيرة أهل الفتنة وسلم.

٤٧ - وقوله: اعلم أن الدهر هو بقاء غاية الإمكان التي يقوم الإمكان بها دائما ما بقيت تلك الغاية ساكنة في حال واحدة أو حركة واحدة لا ضد لها، واعلم أنهما غايتان: إحداهما ساكنة والأخرى متحركة، فالمتحركة تحمل الساكنة، لأنا لا نجوز أن يكون ساكن قبل حركته، لأنه لا يكون قبل حركة إبداعه وكونه ولا قبل حركة انفعاله، فالساكن من حركة فصل، ولم تفصل الحركة من ساكن كأنه يفسر الإرادة الأولى والحادثة هذا الكلام مدخول لأن الذي قال فيه بإمكان (١) لا بد أن يجعله قديما أو محدثا. فإن جعله محدثا زعم أنه لم يكن ممكنا له أن يفعل قبل، فأوجب عارضا فنفى الوحدة. وإن جعله قديما أوجب الدهر قديما شيء آخر، فنفى الوحدة.

٤٨ - فإن تبلد ذهن سامع فازداد بيانا فقال: بين لي كيف امتنع ذلك بوجوب الإمكان والانفعال فصلان عظيمان [٩٩ظ] والإضافة لا تقال إلا على اثنين لا بون بينهما بمكان ولا بزمان، بإجماع من الفلاسفة الذين خطوا لكم الطريق، فالوجود الضروري للفصلين العظيمين قطع الإضافة بين الخالق والمخلوق، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، ومن جهة مائية الإضافة هلكت النصارى


(١) ص: إمكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>