وإني لأعلم امرأة موسرة ذات جوار وخدم، فشاع على إحدى جواريها أنها تعشق فتى من أهلها ويعشقها، وأن بينهما معاني مكروهة، وقيل لها: إن جاريتك فلانة تعرف ذلك وعندها جلية أمرها، فأخذتها وكانت غليظة العقوبة فأذاقتها من أنواع الضرب والإيذاء ما لا يصبر على مثله جلداء الرجال، رجاء ان تبوح لها بشيء مما ذكر لها، فلم تفعل البتة (١) .
خبر:
وإني لأعلم امرأة جليلة حافظة لكتاب الله عز وجل ناسكة مقبلة على الخير، وقد ظفرت بكتاب لفتى إلى جارية كان يكلف بها، وكانت في غير ملكها، فعرفته الأمر فرام الإنكار فلم يتهيأ له ذلك، فقال له: مالك ومن ذا عصم فلا تبال بهذا، فوالله لا أطلعت على سركما أحداً أبداً، ولو أمكنني ان أبتاعها لك من مالي ولو أحاط به كله لجعلتها لك في مكان تصل إليها فيه ولا يشعر بذلك أحد.
وإنك لترى المرأة الصالحة المسنة المنقطعة الرجاء من الرجال، وأحب أعمالها إليها وأرجاها للقبول عندها سعيها في تزويج يتيمة، وإعارة ثيابها وحليها لعروس مقلة. وما أعلم علة تمكن هذا الطبع من النساء إلا أنهت متفرغات البال من كل شيء إلا من الجماع ودواعيه، والغزل وأسبابه، والتآلف ووجوهه، لا شغل لهن غيره، ولا خلقن لسواه؛ والرجال مقتسمون في كسب المال وصحبة السلطان وطلب العلم وحياطة العيال ومكابدة الأسفار والصيد وضروب الصناعات ومباشرة الحروب وملاقاة الفتن وتحمل المخاوف وعمارة الأرض، وهذا كله متحيف للفراغ، صارف عن طريق البطل.
(١) الجارية التي ضربت فلم تبح نموذج للنساء في التكتم على المحبين، ولمن ما بال سيدتها التي ضربتها ضرباً مبرحاً، أليست هي امرأ'.