للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهدي إلى الجنة، وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار " (١) .

وروي أنه أتاه صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله، إني أستهتر بثلاث: الخمر والزنا والكذب. فمرني أيها أترك، قال: اترك الكذب، فذهب عنه. ثم أراد الزنا ففكر فقال: آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسألني: أزينت فإن قلت: نعم، حدني، وإن قلت: لا، نقضت العهد، فتركه. ثم كذلك في الخمر. فعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني تركت الجميع.

فالكذب أصل كل فاحشة، وجامع كل سوء، وجالب لمقت الله عز وجل. وعن ابي بكر الصديق رضي الله عنه قال: كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثلاث من كن فيه كان منافقاً: من إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان " (٢) .

وهل الكفر إلا كذب على الله عز وجل (٣) ، والله الحق وهو يحب الحق، وبالحق قامت السموات والأرض. وما رأيت أخزى من كذاب، وما هلكت الدول، ولا هلكت الممالك، ولا سفكت الدماء ظلماً، ولا


(١) حديث " عليكم بالصدق الخ " ورد في الصحاح الستة؛ انظر مثلاً مسلم، باب البر: ١٠٥ (٢: ٢٨٩) وفي الموطأ (الكلام: ١٦) وفي مسند أحمد: ١، ٣، ٥، ٧، ٨، ومواضع أخرى منه، وبهجة المجالس ١: ٥٧٦ وانظره في مصنف عبد الرزاق ١١: ١٥٩ من كلام ابن مسعود.
(٢) ورد بصيغ مختلفة منها: آية المنافق ثلاث في البخاري (شهادات: ٢٨) ومسلم (ايمان ١٠٧، ١٠٩) ومسند أحمد ٢: ٣٥٧ وبصيغة: ثلاث من كن فيه فهو منافق، في مسند أحمد ٢: ١٩٨، ٥٣٦؛ وثلاث في المنافق: في مسند أحمد ٢: ٢٩٧.
(٣) كرر ابن حزم هذا في رسالته في مداواة النفوس (رسائل: ١٤٦) فقال: لا شيء أقبح من الكذب، وما ظنك بعيب يكون الكفر نوعاً من أنواعه، فكل كفر كذب، فالكذب جنس والكفر نوع تحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>