للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - ثم هجر القلى، وهنا ضلت الأساطين (١) ونفدت الحيل وعظم البلاء، وهو الذي خلى العقول ذواهل، فمن دهي بهذه الداهية فليتصد لمحبوب محبوبه، وليتعمد ما يعرف أنه يستحسنه. ويجب أن يجتنب ما يدري أنه يكرهه، فربما عطفه ذلك عليه إن كان المحبوب ممن يدري قدر الموافقة والرغبة فيه، وأما من لم يعلم قدر هذا فلا طمع في استصرافه، بل حسناتك عنده ذنوب. فغن لم يقدر المرء على استصرافه فليتعمد السلوان وليحاسب نفسه بما هو فيه من البلاء والحرمان، وليسع في نيل رغبته على أي وجه أمكنه. ولقد رأيت من هذه صفته، وفي ذلك أقول قطعة أولها: [من الطويل]

دهيت بمن لو أدفع الموت دونه ... لقال إذاً يا ليتني في المقابر ومنها:

ولا ذنب لي إذ صرت أحدو ركائبي ... إلى الورد والدنيا تسيء مصادري

وماذا على الشمس المنيرة بالضحى ... إذا قصرت عنها ضعاف البصائر وأقول: [من مخلع البسيط]

ما أقبح الهجر بعد وصل ... وأحسن الوصل بعد هجر

كالوفر تحويه بعد فقر ... والفقر يأتيك بعد وفر وأقول: [من السريع]

معهود أخلاقك قسمان ... والدهر فيك اليوم صنفان


(١) بتروف ومكي والصيرفي: الأساطير؛ ولعل معناها: ضلت الأقاويل؛ أما الأشاطر عند برشيه فلا أدري لها توجيهاً، وكأنه فهمها بمعنى " الحذاق " أو " الشطار، فكذلك تنبئ ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>