إلى ما مضى وألا ينسى ما قد فرغ منه وفنيت مدته أثبت الدلائل على صحة الوفاء. وهذه الصفة حسنة جداً وواجب استعمالها في كل وجه من وجوه معاملات الناس فيما بينهم على أي حال كانت.
خبر:
ولعهدي برجل من صفوة إخواني قد علق بجارية فتأكد الود بينهما، ثم غدرت بعهده ونقضت وده وشاع خبرهما، فوجد لذلك وجداً شديداً.
خبر: وكان لي مرة صديق ففسدت نيته بعد وكيد مودة لا يكفر (١) بمثلها، وكان علم كل واحد منا سر صاحبه وسقطت المؤنة، فلما تغير علي أفشى كل ما اطلع لي عليه مما كنت اطلعت منه على أضعافه، ثم اتصل به أن قوله في قد بلغني، فجزع لذلك وخشي أن أقارضه على قبيح فعلته؛ وبلغني ذلك فكتبت إليه شعراً أونسه فيه وأعلمه أني لا أقارضه.
خبر:
ومما يدخل في هذا الدرج، وإن كان ليس منه، ولا هذا الفصل المتقدم من جنس الرسالة والباب، ولكنه شبيه له على ما قد ذكرنا وشرطنا، وذلك أن محمد بن وليد بن مكسير الكاتب كان متصلا بي ومنقطعاً إلي أيام وزارة أبي رحمة الله عليه، فلما وقع بقرطبة ما وقع وتغيرت الأحوال خرج إلى بعض النواحي فاتصل بصاحبها فعرض جاهه وحدثت له وجاهة وحال حسنة. فحللت أنا تلك الناحية في بعض رحلتي فلم يوفني حقي بل ثقل عليه مكاني وأساء معاملتي وصحبتي، وكلفته في خلال ذلك حاجة لم يقم فيها ولا قعد، واشتغل