للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد زدتني في حسرتي أضعافها ... ويحي فهلاً كان هذا قبله ولقد أذكرني هذا أني خطبت (١) في بعض الأزمان مودة رجل من وزراء السلطان أيام جاهه فأظهر بعض الامتساك، فتركته حتى ذهبت أيامه وانقضت دولته، فأبدى لي من المودة والاخوة غير قليل، فقلت: [من الطويل] .

بذلت لي الأعراض والدهر مقبل ... وتبذل لي الإقبال والدهر معرض

وتبسطني إذ ليس ينفع بسطكم ... فهلا أبحث البسط إذ كنت تقبض ٦ - ثم بين الموت وهو الفوت، وهو الذي لا يرجى له إياب، وهو المصيبة الحالة، وهو قاصمة الظهر وداهية الدهر، وهو الويل (٢) ، وهو المغطي على ظلمة الليل، وهو قاطع كل رجاء وماحي كل طمع والمؤيس من اللقاء. وهنا حارت الألسن، وانجذم حبل العلاج، فلا حيلة إلا الصبر طوعاً أو كرهاً. وهو أجل ما يبتلى به المحبون، فما لمن دهي به إلا النوح والبكاء إلى أن يتلف أو يمل؛ فهو القرحة التي لا تنكا، والوجع الذي لا يفنى، وهو الغم الذي يتجدد على قدر بلاء من اغتمدته في الثرى وفيه أقول: [من مشطور المديد]

كل بين واقع ... فمرجى لم يفت

لا تعجل قنطاً ... لم يفت من لم يمت

والذي قد مات فال ... يأس عنه قد ثبت وقد رأينا من عرض له هذا كثيراً.

وعني أخبرك أني أحد من دهي بهذه الفادحة وتعجلت له هذه المصيبة، وذلك أني كنت أشد الناس كلفاً وأعظمهم حباً بجارية لي،


(١) في معظم الطبعات: حظيت.
(٢) برشيه: الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>