للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكاح الطيف لا يفسد الحب ونكاح الحقيقة يفسده (١) والبحتري جعل علة إقباله استضاءته بنار وجده، وعلة زواله خوف الغرق في دموعه (٢) . وأنا أقول من غير أن أمثل شعري بأشعارهم - فلهم فضل التقدم والسابقة، إنما نحن لاقطون وهم الحاصدون، ولكن اقتداء بهم، وجرياً في ميدانهم، وتتبعاً لطريقتهم التي نهجوا وأوضحوا - أبياتاً بينت فيها مزار الطيف مقطعة: [من الوافر] .

أغار عليك من إدراك طرفي ... وأشفق أن يذيبك لمس كفي

فأمتنع اللقاء حذار هذا ... واعتمد التلاقي حين أغفي

فروحي إن لنم، بك ذو انفراد ... من الأعضاء مستتر ومخفي

ووصل الروح ألطف فيك وقعاً ... من الجسم المواصل ألف ضعف وحال المزور في المنام ينقسم أقساماً أربعة:

١ - أحدها محب مهجور قد تطاول غمه، ثم رأى في هجعته ان حبيبه وصله فسر بذلك وابتهج، ثم استيقظ فأسف وتلهف، حيث علم أن ما كان فيه أماني النفس وحديثها؛ وفي ذلك أقول: [من الخفيف] .

أنت في مشرق النهار بخيل ... وإذا الليل جن كنت كريما

تجعل الشمس منك لي عوضاً ... هيهات ماذا الفعال منك قويما

زارني طيفك البعيد فيأتي ... واصلاً لي وعائداً ونديما


(١) أظنه يشير إلى قول أبي تمام: (ديوانه ٢: ٦٩) .
غدت مغتدى الغضبي وأوصت خيالها بحران نضو العيس نضو الخرائد
وقالت نكاح الحب يفسد شكله وكم نكحوا حباً وليس بفاسد
والمعنى الاجمالي أنها أوصت خيالها بزيارتي وتعهدي، وقالت: ان نكاح الحب يفسد شكله، ولكن نكاح (الطيف) لا يفسده (أو هذا ما فهمه ابن حزم من البيتين) ..
(٢) لقد حاولت أن أجد هذا المعنى في ديوان البحتري فلم أوفق، على كثرة ترداد النظر في الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>