للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خل هذا وبادر الدهر وارحل ... في رياض الربى مطي العقار

واحدها بالبديع من نغمات ال ... عود كيما تحث بالمزمار

إن خيراً من الوقوف على الدا ... ر وقوف البنان بالأوتار

وبدا النرجس البديع كصب ... حائر الطرف مائلا كالمدار

لونه لون عاشق مستهام ... وهو لا شك هائم بالبهار ومعاذ الله أن يكون نسيان ما درس لنا طبعاً، ومعصية الله بشرب الراح لنا خلقاً، وكساد الهمة لنا صفة، ولكن حسبنا قول الله تعالى، ومن أصدق من الله قيلاً في الشعراء: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وانهم يقولون ما لا يفعلون} . (الشعراء: ٢٢٤) . فهذه شهادة الله العزيز الجبار لهم، ولكن شذوذ القائل للشعر عن مرتبة الشعر خطأ.

وكان سبب هذه الأبيات أن " ضنى " العامريه، إحدى كرائم المظفر عبد الملك ابن أبي عامر، كلفتني صنعتها فأجبتها، وكنت أجلها؛ ولها فيها صنعة في طريقة النشيد والبسيط (١) رائقة جداً، ولقد أنشدتها بعض إخواني من أهل الأدب فقال سروراً بها: يجب أن توضع هذه في جملة عجائب الدنيا.

فجميع فصول هذا الباب كما ترى ثمانية: منها ثلاثة هي من المحب، اثنان منها يذم إلسالي فيهما على كل وجه، وهما الملل والاستبدال، وواحد منها يذم السالي فيه ولا يذم المتصبر، وهو الحياء كما قدمنا. وأربعة من المحبوب، منها واحد يذم الناسي فيه ولا يذم المتصبر، وهو الهجر الدائم، وثلاثة لا يذم السالي فيها على أي وجه كان ناسياً أو متصبراً، وهي النفار والجفاء والغدر، ووجه ثامن وهو من


(١) هذان يمثلان ثلثي " النوبة " عند زرياب وغيره، والعنصر الثالث الأخير فيها هو " الهزج ".

<<  <  ج: ص:  >  >>