للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعي لإيصال حبهن إلى القلوب، ولطف كيدهن في التحيل لاستجلاب الهوى، لما كشف الله عن هذا المعنى البعيد الغامض الذي ليس وراءه مرمى، وهذا حد التعرض فكيف بما دونه.

ولقد اطلعت من سر معتقد الرجال والنساء في هذا على أمر عظيم، وأصل ذلك أني لم أحسن قط بأحد ظناً في هذا الشأن، مع غيرة شديدة ركبت في.

وحدثنا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد، ثنا احمد، ثنا محمد ابن عيسى بن رفاعة، حدثنا على بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد القاسم ابن سلام عن شيوخه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الغيرة من الإيمان " (١) فلم أزل باحثاً عن أخبارهن كاشفاً عن أسرارهن، وكن قد أنسن مني بكتمان، فكن يطلعنني على غوامض أمورهن. ولولا أن أكون منبهاً على عوارت يستعاذ بالله منها لأوردت من تنبههن في الشر ومكرهن فيه عجائب تذهل الألباب.

وإني لأعرف هذا وأتيقنه، ومع هذا يعلم الله - وكفى به عليماً - أني بريء الساحة، سليم الأديم، صحيح البشرة، نقي الحجزة، وإني أقسم بالله أجل الأقسام أني ما حللت مئزري على فرج حرام قط، ولا يحاسبني ربي بكبيرة الزنا مذ عقلت إلى يومي هذا، والله المحمود على ذلك، والمشكور فيما مضى، والمستعصم فيما بقي.

حدثنا القاضي أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن ابن جحاف المعافري (٢) - وإنه لأفضل قاض رايته - عن محمد


(١) ورد الحديث في صحيح مسلم (توبة: ٣٨) ومسند أحمد ٢: ٢٣٥، ٤٣٨، ٣٠١.
(٢) توفي القاضي أبو عبد الرحمن (سنة ٤١٧، أو ٤١٨) ؛ وقد اثنى عليه ابن حزم - حسب رواية الحميدي بقوله: هو أفضل قاض رأيته ديناً وعقلاً وتصاوناً مع حظه الوافر من العلم (الجذوة: ٢٢٥ والصلة: ٢٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>