للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التثليث على التوحيد؛ فيا غوثاه!!! عياذك يا رب من تولج الشيطان ووقوع الخذلان.

وقد يعظم البلاء وتكلب الشهوة، ويهون القبيح، ويرق الدين حتى يرضى الإنسان في جنب وصوله إلى مراده بالقبائح والفضائح، كمثل ما دهم عبيد الله بن يحيى الأزدي المعروف بابن الجزيري (١) ، فإنه رضي بإهمال داره وإباحة حريمه والتعريض بأهله طمعاً في الحصول على بغيته من فتى كان علقه - نعوذ بالله من الضلال ونسأله الحياطة وتحسين آثارنا وإطابة أخبارنا - حتى لقد صار المسكين حديثاً تعمر به المحافل، وتصاغ فيه الأشعار، وهو الذي تسميه العرب الديوث - وهو مشتق من التدييث، وهو التسهيل، وما بعد تسهيل من تسمح نفسه بهذا الشأن تسهيل، ومنه بعير مديث، أي مذلل. ولعمري إن الغيرة لتوجد في الحيوان بالخلقة (٢) ، فكيف وقد أكدتها عندنا الشريعة، وما بعد هذا مصاب.

ولقد كنت اعرف هذا المذكور مستوراً إلى أن استهواه الشيطان، ونعوذ بالله من الخذلان، وفيه يقول عيسى بن محمد بن مجمل (٣) الخولاني: [من الكامل]

يا جاعلاً إخراج حر نسائه ... شركاً لصيد جآذر الغزلان

إني أرى شركاً يمزق ثم لا ... تحظى بغير مذلة الحرمان


(١) مر ذكره من قبل: ١٧٨.
(٢) يقول ابن حزم في الغيرة (رسائل: ١٤١) : الغيرة خلق فاضل متركب من النجدة والعدل؛ ويقول: إذا ارتفعت الغيرة فأيقن بارتفاع المحبة.
(٣) ترجم له الحميدي (الجذوة: ٢٨١ والبغية رقم: ١١٥٥) باسم عيسى بن مجمل، وقال كان أديباً تاجراً شاعراً من أهل قرطبة مشهوراً، وأورد له قطعتين في التذمر من قوم زاروه فقعدوا في دكانه ومنعوه من معيشته.

<<  <  ج: ص:  >  >>