للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثرت من إنشادهما حتى قال لي صاحب المجلس: قد أمللتنا من سماعهما فتفضل بتركهما أو إنشاد غيرهما، فأمسكت وأنا لا أدري أغافل هو أم متغافل؛ وما أذكر أني عدت إلى ذلك المجلس بعدها، فقلت فيه قطعة منها: [من الخفيف] .

أنت لا شك أحسن الناس ظنا ... (١) ويقيناً ونية وضميراً

فانتبه إن بعض من كان بالأم ... س جليساً لنا يعاني كبيرا

ليس كل الركوع فاعلم صلاة ... لا ولا كل ذي لحاظ بصيرا وحدثني ثعلب بن موسى الكلاذاني (٢) قال، حدثني سليمان بن أحمد الشاعر قال، حدثتني امرأة اسمها هند كنت رأيتها في المشرق، وكانت قد حجت خمس حجات، وهي من المتعبدات المجتهدات، قال سليمان: فقالت لي: يا ابن أخي، لا تحسن الظن بامرأة قط فإني أخبرك عن نفسي بما يعلمه الله عز وجل: ركبت البحر منصرفة من الحج وقد رفضت الدنيا وأنا خامسة خمس نسوة، كلهن قد حججن من الحج وقد رفضت الدنيا وأنا خامسة خمس نسوة، كلهن قد حججن، وصرنا في مركب في بحر القلزم (٣) ، وفي بعض ملاحي السفينة رجل مضمر الخلق مديد القامة واسع الأكتاف حسن التركيب، فرأيته أول ليلة قد أتى إلى إحدى صواحبي فوضع إحليله في يدها، وكان ضخماً جداً، فأمكنته في الوقت من نفسها، ثم مر عليهن كلهن في ليال متواليات، فلم يبق له غيرها، تعني نفسها، قال: فقلت في نفسي: لأنتقمن منك؛ فأخذت موسى وأمسكتها بيدي، فأتى في الليل على جاري عادته، فلما فعل كفعله في سائر الليالي سقطت الموسى عليه فارتاع وقام لينهض، قال: فأشفقت عليه وقلت له وقد أمسكته:


(١) في أمثال العوام (٦٣ رقم: ٢٥٦) أول ما يعطى للقران (أي القرنان) حسن الظن (يعني بزوجته) ومثل أندلسي آخر: كثرة الأطمني تولد القرون. وابن حزم يلمح إلى ذلك.
(٢) لعل صواب هذه النسبة " الكلواذاني " أو " الكلاباذي ".
(٣) هو ما يعرف اليوم باسم البحر الأحمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>