للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعهدتها أصفى من الماء (١) ، وألطف من الهواء (٢) ، وأثبت من الجبال، وأقوى من الحديد (٣) وأشد امتزاجاً من اللون في الملون، وأنفذ استحكاماً من الأعراض في الأجسام، وأضوأ من الشمس، وأصح من العيان، وأثقب من النجم، وأصدق من كدر القطا (٤) ، واعجب من الدهر، واحسن من البر، وأجمل من وجه أبي عامر، وألذ من العافية، وأحلى من المنى، وأدنى من النفس، وأقرب من النسب، وأرسخ من النقش في الحجر، ثم لم ألبث أن رأيت تلك المودة قد استحالت عداوة أفظع من الموت، وأنفذ من السهم (٥) ، وأمر من السقم، وأوحش من زوال النعم، وأقبح من حلول النقم، وأمضى من عقم الرياح (٦) ، وأضر من الحمق، وأدهى من غلبة العدو، وأشد من الأسر، وأقسى من الصخر (٧) ، وأبغض من كشف الأستار، وانأى من الجوزاء (٨) ، وأصعب من معاناة السماء، وأكبر من رؤية المصاب، وأشنع من خرق العادات، وأقطع من فجأ البلاء، وأبشع من السم الزعاف (٩) ، وما لا يتولد مثله عن الذحول والتراث وقتل الآباء وسبي الأمهات. وتلك عادة الله في أهل الفسق القاصدين سواه، الآمين غيره؛ وذلك قوله عز وجل {يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ


(١) يقال في المثل: أصفى من الماء، أرق من الماء (الدرة الفاخرة ٢٦٣، ٢٠٩) ، وبعض هذه الأمثال مما صاغه ابن حزم وبعضها مما درج في الاستعمال.
(٢) يقال في المثل: أرق من الهواء (الدرة الفاخرة: ٢٠٩) .
(٣) يقال أصلب من الحديد، أشد من الحديد (الدرة: ٢٦٣، ٢٣٦) .
(٤) يقال: أصدق من قطاة (الدرة: ٢٦٥) .
(٥) يقال: انفذ من ابرة انقذ من سنان (الدرة ٣٩١) .
(٦) يقال: أسرع من الريح (الدرة: ٢١٧، ٤٤١) .
(٧) يقال: أقسى من حجر، أقسى من صخرة (الدرة: ٣٥١) .
(٨) يقال: أنأى من الكواكب، أبعد من النجم، من السماء، من الثريا الخ (الدرة: ٣٩١، ٧٥) .
(٩) الزعاف والذعاف: كلاهما صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>