وكيف تلذ العين هجعة ساعة ... وقد طال فيما عاينته اعتبارها
وكيف تقر النفس في دار نقلة ... قد استيقنت أن ليس فيها قرارها
وأنى لها في الأرض خاطر فكرة ... ولم تدر بعد الموت أين محارها
أليس لها في السعي للفوز شاغل ... أما في توقيها العذاب ازدجارها
فخابت نفوس قادها لهو ساعة ... إلى حر نار ليس يطفى أوارها
لها سائق حاد حثيث مبادر ... إلى غير ما أضحى إليه مدارها
تراد لأمر وهي تطلب غيره ... وتقصد وجهاً في سواه سفارها
أمسرعة فيما يسوء قيامها ... وقد أيقنت أن العذاب قصارها
تعطل مفروضاً وتغنى بفضلة ... لقد شفها طغيانها واغترارها
إلى ما لها منه البلاء سكونها ... وعما لها منه النجاح نفارها
وتعرض عن رب دعاها لرشدها ... وتتبع دنيا جد عنها فرارها
فيا أيها المغرور بادر برجعة ... فلله دار ليس تخمد نارها
ولا تتخير فانياً دون خالد ... دليل على محض العقول اختيارها
أتعلم أن الحق فيما تركته ... وتسلك سبلاً ليس يخفى عوارها
وتترك بيضاء المناهج ضلة ... لبهماء يؤذي الرجل فيها عثارها
تسر بلهو معقب بندامة ... إذا ما انقضى لا ينقضي مستثارها
وتفنى الليالي والمسرات كلها ... وتبقى تباعات الذنوب وعارها
فهل أنت يا مغبون مستيقظ فقد ... تبين من سر الخطوب استتارها
فعجل إلى رضوان ربك واجتنب ... نواهيه إذ قد تجلى منارها
يجد مرور الدهر عنك بلاعب ... وتغرى بدنيا ساء فيك سرارها
فكم أمة قد غرها الدهر قبلنا ... وهاتيك منها مقفرات ديارها
تذكر على ما قد مضى واعتبر به ... فإن المذكي للعقول اعتبارها
تحامى ذراها كل باغ وطالب ... وكان ضماناً في الأعادي انتصارها
توافت ببطن الأرض وانشت شملها ... وعاد إلى ذي ملكه مستعارها
وكم راقد في غفلة عن منية ... مشمرة في القصد وهو شعارها
ومظلمة قد نالها متسلط ... مدل بأيد عند ذي العرش ثارها