للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦ - من فضل العلم والزهد في الدنيا انهما لا يؤتيهما الله عز وجل إلا أهلها ومستحقهما. ومن نقص علو أحوال الدنيا من المال والصوت أن أكثر ما يقعان ففي غير أهلهما وفيمن لا يستحقهما.

٣٧ - ومن طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق [من] (١) أهل المواساة والبر والصدق وكرم العشرة والصبر والوفاء والأمانة والحلم وصفاء الضمائر وصحة المودة؛ ومن طلب الجاه والمال واللذات لم يساير إلا أمثال الكلاب الكلبة والثعالب الخلبة ولو يرافق في تلك الطريق إلا كل عدو في المعتقد خبيث الطبيعة.

٣٨ - منفعة العلم في استعمال الفضائل عظيمة، وهو انه يعلم حسن الفضائل، فيأتيها ولو في الندرة، ويعلم قبح الرذائل فيتجنبها ولو في الندرة، ويستمع الثناء الحسن فيرغب في مثله، والثناء الرديء فينفر منه، فعلى هذه المقدمات وجب أن يكون للعلم حصة في كل فضيلة، وللجهل حصة في كل ريلة، ولا يأتي الفضائل من لم يتعلم العلم إلا صافي الطبع جداً فاضل التركيب. وهذه منزلة خص بها النبيون عليهم الصلاة والسلام، لأن الله تعالى علمهم الخير كله دون أن يتعلموه من الناس.

٣٩ -[وقد رأيت من غمار العامة من يجري من الاعتدال وحميد الأخلاق إلى ما لا يتقدمه فيه حكيم عالم رائض لنفسه، ولكنه قليل جداً. ورأيت ممن طالع العلوم وعرف عهود الأنبياء عليهم السلام ووصايا الحكماء، وهو لا يتقدمه في خبث السيرة وفساد العلانية والسريرة شرار الخلق، وهذا كثير جداً، فعلمت أنهما مواهب وحرمان من الله تعالى] .


(١) زيادة من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>