للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٩ - الثبات الذي هو صحة العقد، والثبات الذي هو اللجاج مشتبهان اشتباهاً لا يفرق بينهما إلا عارف بكيفية الأخلاق. والفرق بينهما أن اللجاج هو ما كان على الباطل أو ما فعله الفاعل نصراً لما نشب فيه، وقد لاح له فساده او لم يلح له صوابه ولا فساده. وهذا مذموم، وضده الانصاف. وأما الثبات الذي هو صحة العقد فإنما يكون على الحق أو على ما اعتقده المرء حقاً ما لم يلح له باطله. وهذا محمود، وضده الاضطراب، وإنما يلام بعض هذين لأنه ضيع تدبير ما ثبت عليه وترك البحث عما التزم أحق هو أم باطل.

١٣٠ - حد العقل استعمال الطاعات والفضائل، وهذا الحد ينطوي فيه اجتناب المعاصي والرذائل. وقد نص الله تعالى في غير موضع من كتابه على أن من عصاه لا يعقل. قال تعالى حاكياً عن قوم: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} (الملك: ١٠) ثم قال مصدقاً لهم: {فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير} (الملك: ١١) .

١٣١ - وحد الحمق استعمال المعاصي والرذائل. وأما التعدي وقذف الحجارة والتخليط في القول، فإنما هو جنون ومرار هائج. وأما الحمق فهو ضد العقل وهو ما بينا آنفاً، ولا واسطة بين العقل والحمق، إلا السخف.

١٣٢ - وحد السخف هو العمل والقول بما لا يحتاج إليه في دين ولا دنيا ولا حميد خلق، مما ليس معصية ولا طاعة ولا عوناً عليهما ولا فضيلة ولا رذيلة مؤذية، ولكنه من هذر القول وفضول العمل. فعلى قدر الاستكثار من هذين الأمرين والتقلل منهما يستحق المرء اسم السخف. وقد يسخف المرء في قصة ويعقل في أخرى ويحمق في ثالثة.

١٣٣ - وضد الجنون تمييز الأشياء ووجود القوة على التصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>