للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته. وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير لا يسوغ أصلاً، والواجب اجتنابه الا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب، أو على سبيل تبكيت المعجب فقط في وجهه لا خلف ظهره.

١٦١ - ثم تقول للمعجب: ارجع إلى نفسك، فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك، ولا تميل (١) بين نفسك وبين من هو أكثر منها عيوباً فتستسهل الرذائل وتكون مقلداً لأهل الشر، وقد ذم تقليد أهل الخير فكيف تقليد أهل الشر لكن ميل بين نفسك وبين من هو أفضل منك فحينئذ يتلف عجبك وتفيق من هذا الداء القبيح الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس، وفيهم بلا شك من هو خير منك، فإذا استخفت بهم لغير حق، استخفوا بك بحق، لان الله تعالى يقول: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى: ٤٠) فتولد على نفسك ان تكون أهلاً للاستخفاف بك على الحقيقة، مع مقت الله عز وجل وطمس ما فيك من فضيلة.

(أ) فان أعجبت بعقلك، ففكر في كل فكرة سوء تمر بخاطرك وفي أضاليل الأماني الطائفة (٢) بك، فانك تعلم نقص عقلك حينئذ.

(ب) وان أعجبت بآرائك، فتفكر في سقطاتك (٣) واحفظها ولا تنسها، وفي كل رأي قدرته صواباً فخرج بخلاف تقديرك، وأصاب غيرك وأخطأت انت، فانك ان فعلت ذلك فأقل أحوالك أن يوازن سقوط رأيك صوابه فتخرج لا لك ولا عليك، والأغلب أن خطأك أكثر من صوابك. وهكذا كل أحد من الناس بعد النبيين صلوات الله عليهم.


(١) ميل بين الأمرين: وازن بينهما ليرى أيهما أفضل وفي ص: تمثل.
(٢) ص: المطالعة.
(٣) ص: سقطاتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>