للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تدري فإن السؤال عما تدريه سخف وقلة عقل وشغل لكلامك وقطع لزمانك بما لا فائدة فيه لا لك ولا لغيرك وربما أدى إلى اكتساب العداوات. وهو يعد عين الفضول. فيجب عليك أن لا تكون فضولياً، فانها صفة سوء. فان أجابك الذي سألت بما فيه كفاية لك فاقطع الكلام، فان لم يجبك بما فيه كفاية، أو أجابك بما لم تفهم فقل له: لم أفهم، واستزده، فان لم يزدك بياناً وسكت أو أعاد عليك الكلام الأول ولا مزيد فأمسك عنه والا حصلت على الشر والعداوة ولم تحصل على ما تريده من الزيادة.

(ج) والوجه الثالث ان تراجع مراجعة العالم، وصفة ذلك أن تعارض جوابه بما ينقضه نقضاً بيناً، فان لم يكن ذلك عندك ولم يكن عندك إلا تكرار قولك أو المعارضة بما لا يراه خصمك معارضة، فأمسك لأنك لا تحصل بتكرار ذلك على أجر زائد ولا على تعليم، بل على الغيظ لك ولخصمك والعداوة التي ربما ادت إلى المضرات.

وإياك وسؤال المعنت (١) ومراجعة المكابر الذي يطلب الغلبة بغير علم، فهما خلقا سوء دليلان على قلة الدين وكثرة الفضول وضعف العقل وقوة السخف، وحسبما الله ونعم الوكيل.

٢١٧ - وإذا ورد عليك خطاب بلسان أو هجمت على كلام في كتاب، فاياك أن تقابله مقابلة المغاضبة الباعثة على المغالبة (٢) قبل أن تتيقن بطلانه ببرهان قاطع. وأيضاً فلا تقبل عليه اقبال المصدق (٣) به المستحسن إياه قبل علمك بصحبته ببرهان قاطع فتظلم في كلا الوجهين نفسك وتبعد عن ادراك الحقيقة، ولكن أقبل عليه سالم القلب عن النزاع عنه والنزوع اليه، لكن إقبال من يريد حظ نفسه في فهم


(١) ص: المعيب.
(٢) م: المبالغة.
(٣) ص: الصدق.

<<  <  ج: ص:  >  >>