للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمد: كذب قائل هذا، وأقبح منه من لم يأمر بخير ولا نهى عن شر، وهو مع ذلك يعمل الشر ولا يعمل الخير.

قال أبو محمد: وقد قال أبو الأسود الدؤلي (١) : [من الكامل] .

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك اذا فعلت عظيم

وابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فاذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى ... بالعلم منك وينفع التعليم قال أبو محمد: ان أبا الأسود انما قصد بالإنكار المجيء بما نهى عنه المرء وانه يتضاعف قبحه فيه مع نهيه عنه، فقد احسن كما قال الله تعالى: {اتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} (البقرة: ٤٤) ولا يظن بأبي الأسود الا هذا وأما أن يكون نهى عن النهي عن الخلق المذموم فنحن نعيذه بالله من هذا، فهو فعل من لا خير فيه.

وقد صح عن الحسن أنه سمع انساناً يقول: لا يجب أن ينهى عن الشر إلا من لا يفعله، فقال الحسن: ود ابليس لو ظفر منها بهذه حتى لا ينهى أحد عن منكر ولا يأمر بمعروف.

قال أبو محمد: صدق الحسن، وهو قولنا آنفاً.

جعلنا الله ممن يوفق لفعل الخير والعمل به، وممن يبصر رشد نفسه، فما أحد الا له عيوب، اذا نظرها شغلته عن غيره، وتوفانا على سنة محمد صلى الله عليه وسلم آمين رب العالمين] (٢) .


(١) أنظر ديوانه (تحقيق محمد حسن آل ياسين، بيروت ١٩٧٤) : ١٦٥ - ١٦٦.
(٢) هذه الفقرة المزيدة ثابته لابن حزم لأنها تحمل أسلوبه وطريقته، ولكن هذا الأخ والرد أشبه بكتاب " الفصل " منه بهذه الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>