للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه كان يحدث بأشياء لم يسمعها مباشرة من أصحابها، وقال ابن الفرضي: لم يكن لابن حبيب علم الحديث، وحكى الباجي وابن حزم ان أبا عمر ابن عبد البر كان يكذبه. ولكن بعض الأندلسيين دافعوا عنه بقوة لغزارة علمه وفضله وكثرة مؤلفاته.

وروايته للأحاديث التي أوردها ابن حزم تدل على أنه كان يرى كراهية الغناء، ومع ذلك فقد حكي عنه أنه كان يأخذ بالرخصة في السماع وأنه كان له جوار يسمعنه، وقد عرض له بذلك الشاعر يحيى ابن حكم الجياني المشهور بالغزال فيما آذاه به من شعره؛ والقول الأول أقوى.

٨ - أما حديث البخاري " ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " فضعفه عند ابن حزم ان البخاري لم يأت به مسنداً وإنما قال: قال هشام بن عمار؛ وفي سند الحديث " أبو عامر " أو " أبو مالك " ولا يدري من هو. وقد انتقد ابن قيم الجوزية موقف ابن حزم هذا حين قال: " وخفي عليه أن البخاري لقي من علقه عنه وسمع منه وهو هشام بن عمار، وخفي عليه أن الحديث قد أسنده غير واحد من أئمة الحديث غير هشام بن عمار، فأبطل سنة صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مطعن فيها بوجه " (١) ومأخذ ابن القيم صحيح، فإن البخاري روى عن هشام بن عمار أبي الوليد السلمي الدمشقي (٢) ، وعبر بالقول (ولم يقل حدثنا) لأنه وقع له مذاكرة (٣) ؛ وأما أبو عامر أو أبو مالك بالشك (وعند أبي داود حدثني أبو مالك دون شك) فقد قيل: الشك في اسم الصحابي لا يضر، وقد اختلف في اسمه فقيل عبد الله بن هانئ وقيل عبد الله بن وهب وقيل عبيد بن وهب، وقد أدرك خلافة عبد الملك بن مروان (٤) .


(١) روضة المحبين: ١٣٠ - ١٣١.
(٢) تهذيب التهذيب ١١: ٥٢.
(٣) إرشاد الساري ٨: ٣١٧.
(٤) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>