٥ - ٦: وأما الخبر عن أصحاب رسول الله وهم في عريش يستمعون إلى غناء، وعن ابن عمر وأنه سفر في بيع مغنية، وأنه وعبد الله بن جعفر سمعا الغناء بالعود، فمما انفرد به ابن حزم عن المراجع التي اعتمدناها، ولكن هذا ليس من مذهبه، إذ كل ما دون الكتاب وسنة الرسول فليس بحجة عنده، ومن الغريب أنه فعل ذلك هنا في الاحتجاج لإباحة الغناء.
ولا يدعنا ابن حزم في حيرة حول أي أنواع الغناء يعني، فهو وان لم يطنب في القول، فقد وصف الغناء بأنه مله، وأنه مصاحب بالعود، وبأنه يسمع من القينة، ومعنى ذلك أنه يرى كل مراحل الغناء حلالاً ابتداء من الحداء والنصب حتى الغناء المتقن الذي يقوم على النشيد والبسيط والهزج، أو ما يسمى " النوبة " ذات الأدوار الثلاثة، ولا يمكن أن نعرف كيف كان يتجه ابن حزم في هذه القضية لو عرف ارتباط السماع بالتصوف، وارتباطهما بالرقص، هل كان موقفه يقترب من موقف ابن القيسراني أو من موقف ابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم.