للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق، وقال يا نافع هل تسمع شيئاً قال: لا؛ فرفع إصبعيه وقال: كنت مع رسول الله فسمع مثل هذا، فصنع (١) مثل هذا. فلو كان حراماً ما أباح رسول الله لابن عمر سماعه، ولا أباح ابن عمر لنافع سماعه، ولكنه عليه السلام، كره لنفسه كل شيء ليس من التقرب إلى الله، كما كره الأكل متكئاً والتنشف بعد الغسل في ثوب يعد لذلك (٢) ، والستر الموشى على سدة (٣) عائشة وعلى باب فاطمة رضوان الله عليهما، وكما كره أشد الكراهية عليه السلام أن يبيت عنده دينار أو درهم. وإنما بعث عليه السلام منكراً للمنكر وآمراً بالمعروف، فلو كان ذلك حراماً لما اقتصر عليه السلام أن يسد أذنيه عنه دون أن يأمر بتركه وبنهى عنه. فلم يفعل عليه السلام شيئاً من ذلك، بل أقره وتنزه عنه، فصح انه مباح وأن تركه (٤) أفضل، كسائر فضول الدنيا المباحة، ولا فرق.

٤ - وروى مسلم بن الحجاج (٥) قال ثنا زهير بن حرب ثنا جرير ابن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: جاء حبش يزفنون في المسجد في يوم عيد، فدعاني رسول الله فوضعت رأسي على منكبه (٦) فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي انصرفت عن النظر به إليهم (٧) .

٥ - وروى سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد البجلي (٨) أن أبا مسعود البدري وقرظة بن


(١) في الأصل: وصنع، وفي مسند أبي داود تعليقاً على هذا الحديث، قال أبو علي اللؤلؤي سمعت أبا داود يقول: وهو حديث منكر.
(٢) ص: بثوبه بعد الدلك والتصويب عن نهاية الأرب.
(٣) السدة هنا باب الدار أو البيت، أو شيء كالظلة على الباب؛ وفي نهاية الأرب: سهوة.
(٤) نهاية الأرب: وان الترك له.
(٥) انظر صحيح مسلم ٣: ٢٢.
(٦) في الأصل: منكبيه.
(٧) في الصحيح: أنصرف عن النظر إليهم.
(٨) انظره في التهذيب: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>