ترتيب انحط انحطاطاً طويلاً " (٣٣٠) أو بقوله في من صعد إلى ذروة المحبة بأول نظرة: " فكلما كان ارتقاؤهم فيها سريعاً كان انحطاطهم قريباً " (٣٣٥) .
٩ - وفي باب الوفاء يجيء تأثر ابن حزم بابن داود ناحياً منحى المخالفة، فإذا قال مؤلف الزهرة: " فالمحبوب يكون موفياً لمحبه ويكون غادراً بعهده، والمحب لا يكون موفياً ولا غادراً وإنما يصلح أن يكون المحبوب موفياً وغادراً لأنه يأتيه مختارا " (٣٦٢)(أما المحب فهو غير مختار إلا إذا زالت المحبة فعندئذ يمكن ان يوصف بالوفاء أو بالغدر) ، وجدنا ابن حزم ينطلق إلى النقيض بقوله: " واعلم أن الوفاء على المحب أوجب منه على المحبوب وشرطه له ألزم، لان المحب هو البادي باللصوق والتعرض لعقد الأزمة.. فمن أجبره على استجلاب المقة إن لم ينو ختمها بالوفاء لمن أراده عليها ". ثم يلتقيان بالاشادة بالوفاء مع اليأس وخاصة بعد حلول المنايا، فيجعل ابن داود عنوان الفصل " قليل الوفاء بعد الوفاة اجل من كثيره وقت الحياة " (٣٦١) ويردد ابن حزم هذا المعنى فيقول: " وغن الوفاء في هذه الحالة (يعني بعد الوفاة) لأجل وأحسن منه في الحياة ومع رجاء اللقاء " (الفصل: ٢٢) .
١٠ - ويتقارب المؤلفان من حيث المنحى العام في المقدمة والخاتمة، فكلاهما في المقدمة يتوجه إلى إلف عزيز، اقترح فكرة الكتاب ويتطرف ابن داود في المقدمة إلى ذكر الأنبياء ومن جرى عله حب منهم، ويخلص إلى القول: " والنبيون عليهم السلام والصالحون من أئمة أهل السلام يجل مقدارهم عن أن تذكر للعوام أخبارهم " (ص: ٥) ؛ وكان رد الفعل لدى ابن حزم مخالفته في هذا إذ ذكر عددا من الخفاء المهديين والأئمة الراشدين والصالحين والفقهاء ". وهذا باب من تأثير كتاب الزهرة في ابن حزم، أعني مخالفته، إذا لم يقتنع بوجهة نظر صاحبه. وتحرز في بعض المواقف تحرز ابن داود حين قال: " وغنما يجب أن نذكر من أخبارهم ما فيه الحزم وإحياء الدين، وإنما هو شيء كانوا ينفردون به