للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلقب " يمين الدولة " فسقط عنده إلى غير ما كان يقدره فيه (١) ؛ ولا تفسير لاهتمامه بموضوع الألقاب إلا أنه داخل في جملة النوادر، وإنه لا يستطيع جحد التاريخ بإغفال هذا الجانب فيه، وإن كان لا يقر الألقاب، ولا يحترمها.

وبسبب التفاوت القائم بين نسختي " نقط العروس " لا نستطيع أن نحكم على الترتيب النهائي الذي اختاره ابن حزم لرسالته، ولكنها في حالها الراهنة تعد من أكثر رسائله بعداً عن منهج مرسوم، وذلك أمر يستغرب منه، إلا أن يكون العذر هو أنها خطرات مرت بذاكرته فدونها كما خطرت، ومع ذلك فنحن نلمح فيها موضوعات محددة، فبعد ذكر الألقاب يتعرض ابن حزم لخلافة وشؤونها وما يتصل بها من ولاية عهد (ف ٢ - ١٩) ثم يتحدث عن الخلفاء وأحوالهم فيعد من كان منهم طاغية أو أحمق أو حزماً أو كثير الفتوح أو مهراً بشرب الخمر أو عالماً أو عدلاً أو مسرفاً أو أديباً ... الخ والعلاقة بين الخليفة وأقربائه من أبناء وأخوة وأعمام. ويستغرق هذا الموضوع عدة فقرات في رسالته، ولكنه لا يرى بأساً في أن يدرج هنا وهناك فقراً لا علاقة لها بالموضوع الرئيسي. ثم يعود إلى الخلفاء وأوالهم في الفقرات ٨٩ - ٩١، ١٠٥. وخارج نطاق الخلفاء والخلافة تدث ابن زم عن شؤون مثل: غرائب المناكح، من تزوج من الكبراء والعلية منكحاً ساقطاً، من تزوج من غمار الناس في الخلفاء؛ وغير ذلك من موضوعات، وقد خصص الفقرة (١٠٤) للحديث عن أمور تتعلق بالرسول (ص) ، وبكل ذلك تجاوز الحديث ع الخلفاء إلى موضوعات أخرى، ولهذا أشرت إلى أن تسميتها " نقط العروس في تواريخ الخلفاء " غير دقيقة وأدق منها أنها في النوادر، كما قال ابن حيان. ولا ريب في أنها رسالة متعددة الفوائد، تنبه إلى بعض المفارقات في أخبار الناس وأحوالهم، مثيرة بجمع الأشباه والنظائر، وتقديم المعلومات لمفاجئة، وكثير من أجزائها إنما يقوم على الإحصاء، وهي تدلُّ على " ذهنية " نفاذة إلى أمور قد يمر به الآخرون دون توقف عندها.

وقد كتبت الرسالة في سنة ٤٣٢ - فيما أقدر - إذ يذكر فيها (ف: ٦٨) محمد بن عيسى بن مزين صاحب شلب [الآن] وهذا توفي في العام المذكور، كما يذكر مودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين وقتله لعمه محمد (ف: ٧٢) وكان ذلك في شعبان من ذلك العام (٢) ؛ ولم يكر في الألقاب المضافة إلى الدولة لقب يمن الدولة أحمد بن


(١) نقط العروس: الفقرة ٨٦، ص: ١٠١.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٩: ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>