للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان سُكنى كل امرئ (١) منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجان الأموال، ولا بناء القصور، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل ولا التسويد (٢) ، ويكاتبوهم بالعبودية والملك، ولا تقبيل الأرض ولا رجل ولايد، وإنما كان غرضهم الطاعة الصحيحة من التولية (٣) والعزل في أقاصي البلاد (٤) ، فكانوا يعزلون العمال، ويولون الأخر، في الأندلس، وفي السند، وفي خراسان، وفي إرمينية، وفي اليمن (٥) ، فما بين هذه البلاد (٦) . [وبعثوا إليها الجيوش، وولوا عليها من ارتضوا من العمال وملكوا أكثر الدنيا، فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغلب عليهم بنو العباس بالمشرق، وانقطع به ملكهم، فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة، فلم يك في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصراً على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير، وبهدمها انهدمت الأندلس إلى الآن، وذهب بهاء الدنيا بذهابها] .

وانتقل (٧) الأمر [بالمشرق] إلى بني العباس بن عبد المطلب رضوان الله عليه، وكانت دولتهم أعجمية، سقطت فيها دواوين العرب، وغلب عجم خراسان على الأمر، وعاد الأمر مُلكاً عضوضاً محققاً (٨) كسروياً، إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة، رضوان الله عليهم، بخلاف ما كان بنو أمية يستعملون من لعن عليّ (٩) ابن أبي طالب رضوان الله عليه (١٠) ، ولعن بنيه الطاهرين من بني الزهراء؛ وكلهم كان على هذا حاشا عُمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد رحمهما الله تعالى فإنهما لم يستجيزا


(١) البيان: أمير.
(٢) يبدو أنه يقصج " بالتمويل " قولهم: " يا مولاي "، كما يقصد " بالتسويد " قولهم " يا سيدي "؛ وفي البيان: ولا طلبوا مخاطبة الناس لهم بالتمويل والعبودية والملك.
(٣) البيان: والتولية.
(٤) البيان: بلاد الدنيا.
(٥) البيان: في السند والهند وفي خراسان وفي إرمينية وفي العراق وفي اليمن وفي المغرب الأدنى والأقصى وبلاد السوس ويلاد الأندلس.
(٦) فما بين هذه البلاد: سقطت من البيان المغرب.
(٧) يستمر ابن عذاري بنقل هذا النص (٢: ٤٠) .
(٨) محققاً: لم ترد في البيان.
(٩) البيان: بخلاف ما كان عليه بنو أمية من استعمال ذلك في جانب علي.
(١٠) زاد في البيان: وكفاهم ذلك قبحاً وباطلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>