للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أزيد من مائتي اسم مشتركين فيها فشاور وزيره اليهودي في أمرهم، فأشار عليه بحرق الكتب التي ضبطها وبطي المسألة وقال: إن رأس العقل مداراة الناس (١) .

وتجمع المصادر على إطراء إسماعيل وحسن سياسته حتى قال فيه ابن حيان: " وكان هذا اللعين في ذاته على ما زوى الله عنه من هدايته من أكمل الرجال علماً وحلماً وفهماً وذكاء ودماثة وركانة ودهاء ومكراً وملكاً لنفسه وبسطاً من خلقه ومعرفة بزمانه ومداراة لعدوه " (٢) وكان قليل الكلام دائم التفكير جماعة للكتب، وكان من الناحية الأدبية يحسن الكتابة بالعربية والعبرية، مزوداً بأنواع مختلفة من الثقافات كالرياضيات والنجوم والهندسة والمنطق والجدل وعلوم الدين. وقد ألف في الرياضيات كتاباً اسمه " السجيح في علوم الأوائل الرياضية ". وقال القاضي صاعد فيه: " وكان عنده من العلم بشريعة اليهود والمعرفة بالانتصار لها والذب عنها ما لم يكن عند أحد من أهل الأندلس " (٣) وله رسالة رد فيها على أبي مروان بن جناح اليهودي في نحو اللغة العبرية (٤) كما نشر مقدمة للتلمود بالعبرية تناولت منهج التلمود ومصطلحاته. وكتب اثنين وعشرين مؤلفاً في النحو. ومن مؤلفاته المشهورة ما نجا به نحن المزامير (بن تحليم) والأمثال (بن مشلي) والجامعة (بن قوهلت) أي ما دبجه في الأدعية والأمثال والحكمة الفلسفية (٥) . وقد وظف نساخاً ينسخون المشنا والتلمود ليقدم النسخ إلى من لا يستطيع شراءها من طلبة العلم، وكان يفضل على اليهود في الأندلس وخارجها ولذا لقبه يهود غرناطة " الناغيد " اعترافاً بفضله (٦) ولما فقده اليهود حزنوا عليه كثيراً لأنهم فقدوا دعامة كبيرة من دعائم مجدهم.

وقد كان إسماعيل أيضاً شاعراً مرموقاً بين أهل ملته، وله ديوان شعر، ويقال إنه نظم ما يزيد على ألف وسبعمائة بين مقطوعة وقصيدة، ويتناول شعره بعض الموضوعات الدينية، ولكنه يعد من أوائل من تجاوزا تلك الموضوعات إلى موضوعات دنيوية فنظم في الغزل والخمر ووصف الطبيعة ومناظر الحرب والمديح والهجاء، وهي الموضوعات التي كان يجد نماذجها الكثيرة في الشعر العربي؛ وكان يحل في شعره


(١) التبيان: ٣٣ - ٣٤.
(٢) الإحاطة ١: ٤٤٦.
(٣) طبقات الأمم: ١٠٠.
(٤) بالثنايا: ٤٩٢.
(٥) دوزي: ٦٠٩.
(٦) المصدر نفسه: ٦١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>