للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسأل بعض علمائهم ومقدميهم عما يتوقف فيهن مجادلاً في أكثر الأحيان لا مستفهماً، ونراه في المرية يجلس في دكان إسماعيل بن يونس الطبيب الإسرائيلي الذي كان مشهوراً بالفراسة (١) . وقد جعل وكده منذ البدء إثبات التحريف والتناقض والتبديل على التوراة، ولذلك درسها دراسة مستأنية، وكان هو رائد ابن خلدون في المنهج الذي اتبعه في نقد الخبر التاريخي من هذه الناحية اعني الناحية الزمنية والعددية.

٥ - بينه وبين صموئيل بن النغرالي (النغريلة) :

وكان من أوائل من لقيه ابن حزم من يهود إسماعيل - أو أشموال - ابن يوسف الكاتب المعروف بابن النغرالي ووصفه بأنه اعلم اليهود وأجدلهم (٢) . واعتقد أن اللقاء بينهما لم يتم في قرطبة وإنما كان بعد هجرة ابن حزم منها، وقد ذكر ابن حزم نفسه أنه لقيه مرة عام ٤٠٤ هـ، ونحن نعلم أن ابن النغريلة فارق قرطبة قبل ذلك بقليل وسكن مالقة وهي إحدى البلاد التي زارها ابن حزم، وربما أقام فيها مدة من الزمن. وفي هذا اللقاء سأله ابن حزم عن قول التوراة " لا تنقطع من يهوذا المخصرة ولا من نسله قائد حتى يأتي المبعوث الذي هو رجاء الأمم " فقال ابن النغرالي: لم تزل رءوس الجواليت ينتسلون من ولد داوود وهم من بني يهوذا وهي قيادة وملك ورياسة، فقال ابن حزم: هذا خطأ لأن رأس الجالوت لا ينفذ أمره على أحد من اليهود ولا من غيرهم وإنما هي تسمية لا حقيقة لها ولا له قيادة ولا بيده مخصرة الخ (٣) ثم لم يذكر ابن حزم ماذا كان رد ابن النغرالي عليه.

وفي موضع آخر تساءل ابن حزم عن قول إبراهيم إن سارة اخته، فقال ابن النغرالي: إن نص اللفظة في التوراة " أخت " وهي لفظة نقع في العبرانية على الأخت وعلى القريبة، فقال ابن حزم: يمنع من صرفنا هذه اللفظة إلى القريبة هاهنا قوله: لكن ليست من أمي وإنما هي بنت أبي. فوجب أنه أراد الأخت بنت الأم، قال: فخلط (أي ابن النغرالي) ولم يأت بشيء (٤) .

وتاريخ اللقاء بين ابن حزم وابن النغرالي يدل على أن اهتمام ابن حزم بشؤون الملل


(١) رسائل ابن حزم (١٩٨٠) ١: ١١٤.
(٢) الفصل١: ١٣٥ - ١٥٢.
(٣) الفصل ١: ١٥٢ - ١٥٣.
(٤) الفصل ١: ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>