للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذمة الحاقنة (١) دمه، المانعة من ماله وأهله، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل. فأظفرني القدر بنسخة رد فيها عليه رجل من المسلمين، فانتسخت الفصول التي ذكرها ذلك الراد عن هذا الرذل الجاهل، وبادرت إلى بطلان ظنونه الفاسدة بحول الله تعالى وقوته؛ ولعمري عن اعتراضه الذي اعترض به ليدل على ضيق باعه في العلم، وقلة اتساعه في الفهم على ما عهدناه عليه [١٤٨ ب] قديماً، فإننا ندريه عارياً إلا من المخرقة، سليماً إلا من الكذب، صفراً إلا من البهت؛ وهذه عقوبة الله تعالى المعجلة لمن سلك مسلك هذا الزنديق اللعين مقدمة، أما ما أعد الله له ولأمثاله من الخلود في نار جهنم [فهو] المقر لعيون أولياء الله عز وجل فيه وفي ضربائه، وبالله تعالى التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

٣ - الفصل الأول: فكان أول ما اعترض به هذا الزنديق المستسر باليهودية، على القرآن بزعمه أن ذكر [قول] لله عز وجل: {وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك} (النساء: ٧٨) قال هذا المائق (٢) الجاهل: فأنكر في هذه الآية تقسيم القائلين بأن ما أصابهم من حسنة فمن الله وما أصابهم من سيئة فمن عند محمد، وأخبر أن كل ذلك من عند الله؛ قال: ثم قال في آخر هذه الآية: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} (النساء: ٧٩) قال هذا الزنديق الجاهل: فعاد مصوباً لقولهم ومضاداً لما قدم في أول الآية:

٤ - قال أبو محمد بن حزم: لو كان لهذا الجاهل الوقاح أقل بسطة أو أدنى حظ من التمييز لم يتعرض بهذا الاعتراض الساقط الضعيف، والآية المذكورة مكتفية بظاهرها عن تكلف تاويل، مستغنية ببادي ألفاظها عن تطلب وجه لتأليفها، ولكن جهله أعمى بصيرته وطمس إدراكه. وبيان ذلك أن الكفار يقولون: إن الحسنات الواصلة إليهم هي من عند الله عز وجل وان السيئات المصيبة لهم (٣) في دنياهم هي من عند محمد صلى الله عليه وسلم، فأكذبهم الله تعالى في ذلك، وبين وجه ورود حسنات الدنيا وسيئاتها على كل من فيها بان الحسنات السارة هي من عند الله تعالى بفضله على الناس، وان كل سيئة يصيب الله تعالى بها إنساناً في دنياه فمن [١٤٩/ أ] قبل نفس المصاب بها بما يجني على نفسه من تقصيره فيما يلزمه من أداء حق الله تعالى الذي لا


(١) ص: الخافتة.
(٢) ص: المالق.
(٣) ص: إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>