للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متصلاً بها قوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان* يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام* فبأي آلاء ربكما تكذبان* هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون* يطوفون بينها وبين حميم آن* فبأي آلاء ربكما تكذبان} (الرحمن: ٤٠ - ٤٥) فصح بهذا النص ان هذا إنما هو في حين إيرادهم جهنم التي هي إن شاء الله دار هذا الخسيس ذي الظهارة اليهودية والبطانة الدهرية ولا [ريب] في أنه إذا أخذ بناصيته وقدميه ليهودي بها في النار، نار جهنم، فإنه لا يسال عن ذنبه (١) يومئذ. وأما قوله تعالى: {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} ، فإنما ذلك في أول وقوفهم يوم البعث وحين المسألة والحساب. فارتفع التناقض الذي لا مدخل له في شيء من القرآن ولا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

٢١ - ولكن هذا الوقاح المجنون لو تدبر ما في كذبهم المفترى الذي يسمونه " التوراة " في السفر الثاني منه ان الله تعالى قال لموسى بن عمران: إني أرى هذه الأمة قاسية الرقاب دعني لأعقب غضبي عليهم لأهلكهم وأقدمك على أمة عظيمة. ثم ذكروا أن موسى عليه السلام دعا ربه تعالى وقال في دعائه (٢) : تذكر إبراهيم وإسماعيل وإسحق عبيدك الذين حلفت لهم بذلك وقلت لهم سأكثر ذريتكم حتى تكونوا كنجوم السماء وأورثهم جميع الأرض التي وعدتهم بها ويملكونها أبداً، فحن [١٥٣ ظ] السيد ولم يتم ما أراد إنزاله بأمته من المكروه.

٢٢ - قال أبو محمد: هذا نص هذا الفصل عندهم. وهذه صفة لا يوصف بها إلا إنسان ضعيف النفس، وفيه البداء، وأنه تعالى لم يتم ما أراد ان يفعل، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

٢٣ - وفي السفر المذكور إثر هذا ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام: " من أذنب عندي سأمحوه من مصحفي، فاذهب أنت وهذه الأمة التي عهدت إليك فيها، وسيتقدمك ملك ". ثم بعد شيء يسير ذكر ان الله تعالى قال لموسى: " اذهب واصعد من هذا الموضع أنت وأمتك التي خرجت من أرض مصر إلى الأرض التي وعدت بها


(١) ص: دينه.
(٢) اذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك وقلت لهم: أكثر من نسلكم كنجوم السماء، وأعطي نسلكم كل هذه الأرض التي تكلمت عنها فيملكونها إلى الأبد؛ فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه: (خروج ٣٢: ١٣ - ١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>