للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصخور. أفترى إذ ليس في العسل شفاء أصلاً، إنما وعدهم تعالى بما فيه الداء والبلاء لا بما فيه الشفاء، هذا مع إنكار العيان، وجحد الضرورات في منافع العسل.

٣٢ - الفصل الثامن: ثم ذكر هذا الزنديق الجاهل قول الله تعالى: {ونزلنا من السماء ماء مباركا) (ق: ٩) وقال: كيف يكون مباركاً وهو يهدم البناء، ويهلك كثيراً من الحيوان

٣٣ - قال أبو محمد: من لم يكن مقدار فهمه وعقله إلا هذا المقدار، لقد عجل الله له العقوبة في الدنيا والحمد لله رب العالمين. وليت شعري أما درى هذا الجاهل انه لولا شرب الماء لم يكن في الأرض حيوان أصلاً لا إنسان ولا ما سواه، وأن عناصر جميع المياه الظاهرة على وجه الأرض والمختزنة في أعماقها إنما هي من مواد القطر النازل من السماء أما راى هذا الأنوك ان الأمطار إذا كثرت غزرت العيون وفهقت الأنهار وطفحت البرك وامتلأت الآبار وسالت السيول وتفجرت في الأرض ينابيع حتى إذا قلت الأمطار وضعفت العيون ونقصت الأنهار وجفت (١) البرك والآبار وانقطعت السيول وغارت الينابيع، خشنت الصدور وفسد الهواء أما رأى [١٥٦/ أ] أنه لا نماء لشيء من النبات كله، منزرعه (٢) وصحراويه، وجميع الشجر بساتينها وشعرائها إلا بالماء النازل من السماء أما قرأ في هذيانهم الذي يسمونه " توراة " امتنان الله تعالى في صفة الأرض المقدسة بأنها لا تسقى من النيل، كما تسقى أرض مصر لكن من ماء السماء أتراه إنما من عليهم بضد البركة لا بالبركة إن هذا لعجب. أما علم أن الأمطار ترطب الأجسام وتذهب بقحلها (٣) وأن بالماء الذي عنصره ماء السماء تزال الخسيس وجهله وهو عميد اليهود وعالمهم وكبيرهم، وهذا مبلغه من الجهل والسخف، ونستعيذ بالله من الجهل والضلالة، والحمد لله رب العالمين.

٣٤ - قال أبو محمد: ها هنا انتهى كل ما ظن المائق أنه اعترض به، قد بان فيه كله زوره وجهله واغتراره، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم نحن عن شاء الله تعالى ذاكرون بحول الله تعالى وقوته قليلاً من كثير من قبائحهم يديرونها وينسبونها إلى الباري تعالى في كتبهم التي طالعناها ووقفنا عليها، وتضاعف بذلك شكرنا


(١) ص: وخفت.
(٢) ص: مزرعه.
(٣) بقحلها: غير معجمة في ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>