للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من كان مجتهداً مأجوراً أجرا أو أجرين فليس ممن يهمل لسانه ويطلق كلامه، بما ضرره عليه عائد في الدنيا والآخرة.

٢ - ثم قال: " فلم تقنع (١) بهذا المقدار في من هو في عصرنا، ومن كان قبل ذلك من علماء المسلمين، حتى تخطيت إلى أصحاب نبيك محمد، صلى الله عليه وسلم، وقلت إنهم ابتدعوا من الرأي ما لم يأذن به الله تعالى لهم، وأحدثوا بعد موت نبيهم صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز ".

قال علي: فاعلم أيها السافل أنك قد كذبت، وما يعجز أحد عن الكذب إذا (٢) لم يردعه عن ذلك دين أو حياء. معاذ الله من أن ننسب إلى الصحابة شيئاً مما ذكرت، فكيف هذا ونحن نحمد (٣) الله تعالى على ما من به علينا من الجري (٤) على سنتهم: من ترك التقليد ورفض القياس واتباع القرآن والسنن، وإنما الواصف لهم بما ذكرت من راء أن أقوالهم لا ينبغي أن تكتب، وفتاويهم لا يجب أن تطلب، وانهم كلهم أخطأوا إلا فيما وافق تقليده فقط، فهذا هو الذي لا يقدر أحد على إنكاره من فعلكم لشدة اشتهاره، والحمد لله رب العالمين.

٣ - ثم قال: " فليت شعري إذا كان ذلك كذلك عندك، فسنن النبي، صلى الله عليه وسلم: نقل من تقبل (٥) فيها "

قال علي: فقد قلنا لك إنك تكذب فيما نسبت إلينا، ونحن نقبل ديننا عن الصحابة، رضي الله عنهم، وهم حجتنا فيما نقلوه إلينا، وفيما أجمعوا عليه وإن لم ينقلوه مسنداً، ثم عن التابعين، وأفاضل الرواة، وهكذا عمن بعدهم من المحدثين، فعن هؤلاء نأخذ ديننا، ونقبل سنتنا. ولكن، أيها الجاهل، أما أنت وضرباؤك فقد استغنيتم عن القرآن، واكتفيتم بالتقليد عن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تتعنون (٦) في نقل سنة، ولا تشتغلون بحكم آية، وهذا أمر لا تقدرون (٧) على جحوده؛ فليت شعري، من إمامكم في هذه الطامة وعن من


(١) ص: يقنع.
(٢) ص: إذ.
(٣) ص: بحمد.
(٤) ص: الجزاء.
(٥) ص: يقبل.
(٦) تقرأ أيضاً: تتعبون.
(٧) ص: تقتدرون (دون إعجام) .

<<  <  ج: ص:  >  >>