للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا حزته فالأرض جمعاء والورى ... (١) هباء وسكان البلاد ذباب وكلفتني - أعزك الله - أن أصنف لك رسالة في صفة الحب ومعانيه وأسبابه وأعراضه، وما يقع فيه وله (٢) على سبيل الحقيقة، لا متزايداً ولا مفنناً، لكن مورداً لما يحضرني على وجهه وبحسب وقوعه، حيث انتهى حفظي وسعة باعي فيما أذكره، فبدرت (٣) إلى مرغوبك، ولولا الإيجاب لك لما تكلفته، فهذا من العفو، والأولى بنا مع قصر أعمارنا ألا نصرفها إلا فيما نرجو به رحب المنقلب وحسن المآب غداً، وغن كان القاضي حمام بن احمد (٤) حدثني عن يحيى ابن مالك بن عائذ (٥) بإسناد يرفعه إلى أبي الدرداء أنه قال: أجموا النفوس بشيء من الباطل ليكون عوناً لها على الحق (٦) ؛ ومن أقوال الصالحين من السلف المرضي: من لم يحسن يتفتى لم يحسن


(١) يعارض ابن حزم هنا - في هذه الأبيات - المتنبي وأبا فراس، وبيته هذا الأخير يذكر بقول أحدهما:
إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب (٢) يقع فيه وله: ي يحدث أثناءه ومن أجله وبسببه؛ ومن قرأ " يحدث فيه [من] وله " فإنما يوجه العبارة وجهة خاصة، إذ ليس كل ما يحدث في الحب ولهاً.
(٣) تقرأ أيضاً: فبادرت، وهما بمعنى.
(٤) حمام بن أحمد بن عبد الله: كان - في رأي ابن حزم - واحد عصره في البلاغة وسعة الرواية، ضابطاً لما قيده، ولي قضاء يابرة وشنترين والاشبونة وسائر الغرب أيام عبد الملك المظفر ابن المنصور وأخيه عبد الرحمن، وتوفي بقرطبة (٤٢١) ؛ (انظر ترجمته في الصلة: ١٥٣ والجذوة: ١٨٧؛ والبغية رقم: ٦٧٧) .
(٥) في مختلف الطبعات: يحيى بن مالك عن عائذ؛ وهو يحيى بن مالك بن عائذ بن كيسان، أبو زكرياء مولى هاشم بن عبد الملك، من أهل طرطوشة، سمع ببلده ورحل إلى المشرق (٣٤٧) وتردد هنالك نحواً من اثنتين وعشرين سنة وكتب عن طبقات من المحدثين بمصر وبغداد والبصرة والأهواز، وعاد إلى بلده (٣٦٩) فسمع من ضروب من الناس وطبقات من أهل العلم، وكانت وفاته بقرطبة سنة ٣٧٥ (انظر ابن الفرضي ٢: ١٩١ والجذوة: ٣٥٦ والبغية رقم: ١٤٩٢) .
(٦) ورد قول أبي الدرداء في بهجة المجالس (١: ١١٥) " إني لأستجم قلبي بشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>