للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمها ونقلها، لكفرهم بها أيام دولتهم، ثم بعدها (١) ، واتصال ذلك فيهم المئين من السنين، مع عظيم ما فيها من كذب الاخبار، مع بطلان شرائعهم التي أمروا بها بإقرارهم، وامتناع إقامتها، وما كان هكذا فليس هو من عند الله بل هو باطل مفتعل، إذ لا سبيل إلى العمل بالواجب عندهم.

ثم نظرنا في المجوس فوجدناهم مقرين أن شريعتهم كثير منها من عمل أزدشير بن بابك الملك، وأنه ضاع من شريعتهم وكتابهم نحو الثلثين (٢) أيام أحرق الإسكندر كتابهم، وما كان هكذا فلا يجوز التدين به لأن الدين [الذي] يزعمون انه الحق لا يختلفون في أنه قد علم، وما كان هكذا فلا يتدين به عاقل.

ثم نظرنا [١٤٦/أ] في المنانية (٣) فوجدنا نقلهم فاسداً غير متصل بصاحبهم مع ظهور الكذب في كتب صاحبهم، وفساد ما أتى به وأخبر عنه. ولم ينقل له أحد أية معجزة نقلاً يوجب صحة العلم بها، وما كان هكذا فهو باطل بلا شك، مع ما فيها من الفساد الظاهر من إيجابه قطع النسل ليعود النور إلى خلاصه، وهذا أمر لا يمكن ألبتة لاختلاف أجناس الحيوان البحري والطائر والدارج وعدم القوة على قطع تناسلها، فلا أفسد من شريعة مدارها على سبيل إيجاب ما لا سبيل إليه.

ثم نظرنا في الصابئين فوجدناها ملة قد بطلت بالكلية، ولم يبق لها أثر مع أن أصولهم أصول المنانية التي لا شك في كذبهم. وأيضاً فإن نقلهم قد انقطع فلا سبيل إلى تصحيح معجزة شاهدة لمن قلدوه دينهم. وأيضاً فإن شرائعهم بإقرارهم من عمل أكابرهم، وما كان هكذا فلا يتدين لبه عاقل.

فإذ قد بطلت هذه الديانات وليس في العالم ملة تقر بنبي غير هؤلاء - ولابد من ملة مأخوذة عن نبي إذ لا سبيل إلى معرفة ما يأمر به الخالق تعالى إلا بنقل نبي - لم يبق إلا محمد بن عبد الله عليه السلام وملته هو الذي كتابه منقول نقل الكواف من


(١) غير واضحة في ص.
(٢) كذا ذكر في الفصل (١: ١١٥) وقبل ذلك (١: ١١٣) قال: مقرون بلا خلاف أنه ذهب منه مقدار الثلث.
(٣) في ص: المباينة: والمنانية هم أتباع ماني (انظر كتاب الفصل ١: ٣٥ والشهرستاني على هامش الفصل ٢: ٨١) ومدار مذهب ماني على تخليص النور من الظلمة، وهذا يقتضي الزهد والرياضة، التي ينتج عنها طبقة الصفوة من الناس فيحرم عليهم التناسل. وكل شيء حتى إطعام بأنفسهم. وكل رجل من هؤلاء لابد له من رفيق من طبقة السماعين أو المريدين يقوم بخدمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>