للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله اكبر أربعاً وثلاثين مرة، وسبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين مرة فتلك مائة. وقد نص الله أن الحسنة بعشرة أمثالها، فعلى هذه للمائة المذكورة ألف حسنة (١) . وحض النبي على قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وأخبر أنها من كنوز الجنة (٢) .

وحض عليه السلام على الاستغفار، وأخبر عليه السلام أنه ربما استغفر في اليوم مائة مرة. فهذه وصايا نبيكم الذي بنا رءوفاً رحيماً حريصاً على صلاحنا، الذي لا ينطق عن الهوى عن هو إلا وحي يوحى، فعليكم بها، ودعوا أقوال البطالين الكذابين المفسدين في الأرض القائلين إن سرعة اللسان بالاستغفار توبة البطالين، كذبوا وأفكوا، بل هم البطالون المبطلون حقاً، العائجون عن سبيل ربهم وعن صراط نبيهم المستقيم، بل الاستغفار تركه علامة الفاسقين المصرين المستخفين، نعوذ بالله من مثل سيرتهم.

فهذه وفقنا الله وإياكم حظوظ رفيعة مع سهولة مأخذها، وقرب متناولها، لا تقطع بأحد منكم عن عمله، ولا تقطع جسمه، ولا ترزؤه كلفة، إذ أحصاها عالم الغيب والشهادة عز وجل اجتمع بها ما يرجى تثقيل ميزان الحسنات، فتحبط بذلك السيئات، فلعل النجاة تحصل.

ولسنا نقول هذا على الاقتصار على ذلك دون الاستكثار من سائر أعمال الخير، ومن تلاوة القرآن ما أمكن، فإنا روينا عن ابن عباس رضي الله عنه، أو عن أنس بن مالك - الشك مني - انه قال (٣) : إنكم لتعلمون أعمالاً هي أدق في عيونكم من الشعر، كنا نعهدها على عهد رسول الله من الموبقات، فاعلموا أيها الإخوة أن الأمر والله جد، وان المنتشب صعب، وأن التخليص عسير إلا بتوفيق الله عز وجل برحمته لعمل الخير، بقبول اليسير منا، وتجاوزه عن كثير ذنوبنا، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة، ولكن الله تعالى قال وقوله الحق: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى* وأن سعيه سوف يرى* ثم يجزاه الجزاء الأوفى* وأن إلى ربك المنتهى} (سورة النجم: ٣٩ - ٤٢) و {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} (سورة النمل: ٩٠) ، وقال تعالى {فاليوم لا تظلم نفس شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون} (سورة يس: ٥٤) .


(١) راجع البخاري (أذان: ١٥٥) والترمذي (مواقيت: ١٨٥) .
(٢) انظر مسند أحمد ٥: ١٥٦.
(٣) إنكم لتعلمون أعمالاً إلخ: ورد هذا القول في كتاب الزهد لابن حنبل: ١٩٥ منسوباً إلى أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>