للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك أمراً يعتقده حقاً، ولا استعمل لأجل رغبته فيما ذكرنا أمراً يراه باطلاً، فهذه نية خير ومقصد حسن، ومذهب فاضل كانت عليه الصحابة والتابعون وأئمة الخير. وقد قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (١) : " المؤمن القوي أحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف ". وقد أثنى الله تعالى على {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر} (الحج: ٤١) والدلائل على كل ما قلنا من القرآن والحديث تكثر جداً، وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى.

٤ - وأما ما سألتم عنه من أي الأمور أفضل في النوافل: الصلاة أم الصيام أم الصدقة فقد جاءت الرغائب في كل ذلك، وكلها فعل حسن، وما أحب للمؤمن أن يخلو من أن يضرب في هذه الثلاث بنصيب ولو بما قل، إلا أن الصدقة الجارية في الثمار في الأرضين أحب إلي من الصلاة والصوم في التنفل. وقد روينا عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " إذا صمت ضعفت عن الصلاة. والصلاة أحب إلي من الصيام "، ولسنا نقلد في ذلك ابن مسعود، ولا نقول أيضاً إن هذا ليس كما قال، ولكني أقول: " والله أعلم "، إذ لا نص في ذلك عن النبي عليه السلام؛ ولكني قد قلت: إني أحب للمؤمن أن يضرب في كل هذه الثلاثة نصيب ويأخذ بحظه من كل واحد منها وإن قل، فلذلك إن شاء الله خير له بلا شك من أن يأخذ بإحداهن ولا يأخذ من الباقيين نصيباً. وبيان ذلك أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المصلين يدعون (٢) من باب الصلاة، والصائمين يدعون من باب الصيام، وأصحاب الصدقة يدعون من باب الصدقة (٣) ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، ما على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها. فقال: نعم، وأرجو أن تكون منهم. فإنما اخترنا ما بشر به [٢٤٨ب] النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر، وحسبك بهذا اختياراً فاضلاً، جعلنا الله وإياكم من أهله، آمين.

٥ - وأما ما سألتم عنه مما روي في حديث التنزل، وهل الإجابة مضمونة في تلك الساعة، فحديث التنزل صحيح، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه: {ادعوني


(١) انظر الحديث في صحيح مسلم (قدر: ٣٤) .
(٢) ص: يدعوا.
(٣) انظر هذا الحديث في صحيح البخاري (صوم: ٤؛ فضائل أصحاب النبي: ٥) ومسلم (زكاة: ٨٥) ومسند أحمد ٢: ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>