للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجد إلا عندهم من الدقيق والقمح والشعير والفول والحمص والعدس واللوبيا والزيت والزيتون والملح والتين والزبيب والخل وأنواع الفواكه والكتان والقطن والصوف والغنم والألبان والجبن والسمن والزبد والعشب والحطب. فهذه الأشياء لابد من ابتياعها من الرعية عمار الأرض وفلاحيها ضرورة. فما هو إلا أن يقع الدرهم في أيديهم، فما يستقر حتى يؤدوه بالعنف ظلماً وعدواناً بقطيع (١) مضروب على جماجمهم كجزية اليهود والنصارى، فيحصل ذلك المال المأخوذ منهم حق عند المتغلب عليهم، وقد صار ناراً، فيعطيه لمن أختصه لنفسه من الجند الذين استظهر بهم على تقوية أمره وتمشية دولته، والقمع لمن خالفه والغارة على رعية من خرج من طاعته أو رعية من دعاه إلى طاعته، فيتضاعف حر النار، فيعامل بها الجند التجار والصناع، فحصلت بأيدي التجار عقارب وحيات وأفاعي، ويبتاع بها التجار من الرعية، فهكذا الدنانير والدراهم كما ترون عياناً دواليب تستدير في نار جهنم، هذا ما لا مدفع فيه لأحد، ومن أنكر ما قلنا بلسانه فحسبه قلبه يعرفه معرفة ضرورية، كعلمه أن دون غد اليوم، فإذا فاتنا الخلاص فلا يفوتنا الاعتراف والندم والاستغفار، ولا نجمع ذنبين: ذنب المعصية وذنب استحلالها، فيجمع الله لنا خزيين وضعفين من العذاب، نعود بالله منذلك، ولنكن كما قال الله تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} (آل عمران: ١٣٥) ، هذا مع ما لم نزل نسمعه (٢) سماع استفاضة توجب العلم الضروري أن الأندلس لم تخمس وتقسم كما فعل رسول الله فيما فتح، ولا استطيبت أنفس المستفتحين، وأقرت لجميع [٢٥٠/أ] المسلمين، كما فعل عمر رضي الله عنه فيما فتح، لكن نفذ الحكم فيها بان لكل يد ما أخذت، ووقعت فيها غلبة بعد غلبة، ثم دخل البربر والأفارقة فغلبوا على كثير [من القرى دون قسمة] (٣) ، ثم دخل الشاميون في طالعة بلج بن بشر بن عياض القشيري فأخرجوا اكثر العرب والبربر المعروفين بالبلديين عما كان بأيديهم، كما ترون الآن من فعل البربر، ولا فرق، وقد فشا في المواشي ما ترون من الغارات و [في] ثمار الزيتون ما تشاهدون من استيلاء


(١) القطيع هنا بمعنى الضريبة، وسيشرحها في ما يلي.
(٢) ص: فنسمع.
(٣) ما بين معقفين غير واضح في النسخة، وقد استوفيته من كتاب فجر الأندلس: ٦٢١ للدكتور مؤنس. وهذا الكتاب قد نقله مما نشره بلاسيوس في مجلة الأندلس، المجلد الثاني: ١٩٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>