للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} (الحج: ٤٠) . والله يا أخي، ولله الحمد، لقد حماني تعالى، وما اعدمني قط من مخالفي مقالتي من يذود عني ويذب عن حوزتي أشد الذب، وإني لأدعو الله لهم مدى عمري. أولهم القاضي أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن بشر (١) وأبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرؤوف (٢) [صاحب] الأحكام (٣) - نور الله وجهيهما، وجازاهما بأفضل سعيهما، فلقد قام لي منهما ما يقوم من الأخوين المحبين. ثم أبو العاصي حكم بن سعيد (٤) ، غفر الله ذنبه، وتغمد خطاياه، وقارضه بالحسنى فإنه أبلى في جانبي أتم بلاء؛ وما قصر يونس بن عبد الله بن مغيث شيخنا (٥) نضر الله وجهه، واكرم منقلبه ولقد [٩١ ب] بلغ أبو جعفر أحمد بن عباس (٦) من ذلك الغاية القصوى، واستئثار الأجر الجزيل والذكر الجميل. برد الله مضجعه، ولقاه الروح والريحان؛ ثم الكاتب الفاضل ذو المآثر العالية والفضائل السامية والأعمال الزاكية والسعي المحمود، أبو العباس (٧)


(١) ترجم له الحميدي في الجذوة رقم: ٥٨٨، ص ٢٥١ وابن بشكوال في الصلة: ٣١٩ - ٣٢١ وابن سعيد في المغرب:١: ١٥٨ والنباهي في المرقبة العليا: ٨٧. ولاه علي بن حمود القضاء سنة ٤٠٧ فبقي فيه إلى آخر سنة ٤١٩ وكان ماهراً بالحكومة مع حلاوة اللفظ وحسن الخط، وعابه ابن حيان مؤرخ الأندلس بالشعوبية وبقعوده عن الرحلة إلى المشرق، وإليه كتب ابن حزم قصيدته البائية التي يفخر فيها بنفسه وأثنى عليه بالعلم. وقد توفى أبو المطرف عام ٤٢٢هـ.
(٢) كان صاحب أحكام المظالم، واسع العلم حاذقاً بالفتوى صليباً في الحكم مؤيداً للحق، وتوفي سنة ٤٢٤ (الصلة: ٤٨٩) .
(٣) ص: الحكم.
(٤) هو الحكم بن منذر بن سعيد، وقد رم حديث عنه في طوق الحمامة، وكانت وفاته سنة ٤٢٠ (الصلة: ١٤٦) .
(٥) انظر ترجمته في الجذوة: ٣٦٢ والبغية ص: ٤٩٨ والصلة: ٦٢٢ والمرقبة العليا: ٩٥: وكان يونس من أعيان أهل العلم أخذ عنه ابن حزم وابن عبد البر، وعرف بالزهد والميل إلى التحقيق في التصوف وألف فيه كتباً وقد تولى القضاء بعد أبي المطرف، وبعد أن أثنى عليه ابن حيان بمعرفة الحديث والشهرة في الخطابة والتقدم في علم اللسان والآداب ورواية الشعر ذمه لأنه لم يحج، ولأنه كان يحب الدنيا ويزدلف إلى الملوك - توفي يونس سنة ٤٢٩هـ.
(٦) المشهور بهذا الاسم والكنية في الزمان ابن حزم أبو جعفر أحمد بن عباس الأنصاري وكان كاتباً بارعاً في الفقه، معروفاً بحبه الشديد لجمع الكتب وبخله بها، بلغ مرتبة الوزارة ثم قتله باديس بن حبوس سنة ٤٢٧ هـ. (انظر الإحاطة ١: ١٢٩ والذخيرة ١/ ٢: ٦٤٣) .
(٧) أبو العباس هذا هو أحمد بن رشيق الكاتب الذي بسق في صناعة الرسائل وشارك في سائر العلوم ومال إلى الفقه والحديث وقدمه الأمير مجاهد العامري على كل من في دولته، وكان يجمع العلماء والصالحين ويؤثرهم ويصلح الأمور جهده وقد رآه الحميدي تلميذ ابن حزم وروى عنه (انظر الجذوة: ٢٠٧ ص: ١١٤) وهو الذي قرب ابن حزم أثناء إقامته بميورقة، وفي مجلسه جرت المناظرة بين ابن حزم وأبي الوليد الباجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>