للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة خلف كل إمام صلى بهم؛ حتى خلف الحجاج وحبيش بن دلجة (١) ونجدة الحروري والمختار، وكل متهم بالكفر، وقيل لابن عمر في ذلك، فقال: إذا قالوا حي على الصلاة أجبناهم، وإذا قالوا حي على سفك الدماء تركناهم. وقال عثمان رضي الله عنه -[٢٢٢/أ] عن الصلاة من احسن ما عمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.

٢ - ثم قلت، فيقال لك: إن الذي نصلي خلفه يجيز المسح على الجورب دون أن يكون عليه أديم (٢) ، وهذا يا أخي عجب؛ اعلم انه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم [المسح] على الجوربين [دون] أن يذكر أحد في ذلك جلداً، أوضح ذلك [أبو] مسعود البدري والبراء بن عازب وأنس بن مالك وابن عمر وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب، ولا يعرف لهم، رضي الله عنهم، في ذلك مخالف من الصحابة. وصح ذلك أيضاً عن سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي والأعمش. واختلف في ذلك [عن] عطاء؛ والإباحة أصح عنه. وسئل عن ذلك أحمد بن حنبل فقال: هو مروي عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله، صلى الله [عليه] وسلم، فإن كنت لا تستجيز الصلاة خلف من سميت لك، فقد خسرت صفقتك.

٣ - ثم ذكرت أن ذلك الإمام قيل عنه إنه يجيز الوضوء بالنبيذ (٣) ، فاعلم يا أخي أن الوضوء بالنبيذ، وإن كنا لا نقول به لأنه لم يصح الحديث في ذلك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد رويناه عن علي بن أبي طالب وعكرمة والاوزاعي، وروي عن الحسن بن حي وحميد بن عبد الرحمن (٤) وغيرهما من الفقهاء. فغن كنت لا تجيز الصلاة خلف هؤلاء، فأنت أعلم.


(١) كان على قضاعة الأردن مع معاوية يوم صفين، وخرج سنة ٦٥ إلى المدينة وهي في طاعة ابن الزبير، ففر عنها واليها، وبعث ابن الزبير جيشاً لحربه بقيادة عياش بن سهل الأنصاري فلحقه بالربذة، وقتل حبيش، ونجا بعض أصحابه وفيهم الحجاج بن يوسف، ورجع الفل إلى الشام (الطبري ٢: ٥٧٨ - ٥٧٩) .
(٢) في المسح على الورب قارن بالمحلى ٢: ٨٤.
(٣) انظر المحلى ١: ٢٠٢ - ٢٠٣ حيث اعتبر ابن حزم أن ما سقط عنه اسم الماء كالنبيذ فهو تيمم، قال وروي عن عكرمة أن النبيذ وضوء وقال الأوزاعي: لا تيمم إذا عدم الماء ما دام يوجد نبيذ غير مسكر وقال حميد صاحب الحسن بن حي: نبيذ التمر خاصة يجوز الوضوء به والغسل.
(٤) الحسن بن صالح بن حي (١٠٠ - ١٦٧ أو ١٦٨) كان صحيح الرواية يتفقه (طبقات الشيرازي: ٨٥ وتهذيب التهذيب ٢: ٢٨٦) ومن تلامذته حميد بن عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي (مختلف في تاريخ وفاته بين ١٨٩ن ١٩٠، ١٩٢) وكان ثقة كثير الحديث (تهذيب التهذيب ٣: ٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>